responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 302
قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ) أَيْ يَعِزُّ عَلَيْهِ مَشَقَّتُكُمْ. وَالْعَنَتُ: الْمَشَقَّةُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَكَمَةٌ عَنُوتٌ إِذَا كَانَتْ شَاقَّةً مُهْلِكَةً. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: أَصْلُ التَّعَنُّتِ التَّشْدِيدُ، فَإِذَا قَالَتِ الْعَرَبُ: فُلَانٌ يَتَعَنَّتُ فُلَانًا وَيُعْنِتُهُ فَمُرَادُهُمْ يُشَدِّدُ عَلَيْهِ وَيُلْزِمُهُ بِمَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي [الْبَقَرَةِ [1]]. وَ" مَا" فِي" مَا عَنِتُّمْ" مَصْدَرِيَّةٌ، وَهِيَ ابْتِدَاءٌ وَ" عَزِيزٌ" خَبَرٌ مُقَدَّمٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" مَا عَنِتُّمْ" فَاعِلًا بِعَزِيزٍ، وَ" عَزِيزٌ" صِفَةٌ لِلرَّسُولِ، وَهُوَ أَصْوَبُ. وكذا" حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ" وكذا" رَؤُفٌ رَحِيمٌ" رُفِعَ عَلَى الصِّفَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَوْ قُرِئَ عَزِيزًا عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصًا رَءُوفًا رَحِيمًا، نَصْبًا عَلَى الْحَالِ جَازَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: وَأَحْسَنَ مَا قِيلَ فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يُوَافِقُ كَلَامَ الْعَرَبِ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:" لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ" قَالَ: أَنْ تَدْخُلُوا النَّارَ، (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) قَالَ: أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ. وَقِيلَ: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: شَحِيحٌ بِأَنْ تَدْخُلُوا النَّارَ. وَالْحِرْصُ عَلَى الشَّيْءِ: الشُّحُّ عَلَيْهِ أَنْ يضيع ويتلف. (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) الرَّءُوفُ: الْمُبَالِغُ فِي الرَّأْفَةِ وَالشَّفَقَةِ. وَقَدْ تقدم في [البقرة] معنى" رَؤُفٌ رَحِيمٌ" مُسْتَوْفًى [2]. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: لَمْ يَجْمَعِ اللَّهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ اسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَائِهِ إِلَّا لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ قَالَ:" بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ" وقال:" إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ" [الحج: 65]. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى: نَظْمُ الْآيَةِ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ حَرِيصٌ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ لَا يَهُمُّهُ إِلَّا شَأْنُكُمْ، وَهُوَ الْقَائِمُ بِالشَّفَاعَةِ لَكُمْ فَلَا تَهْتَمُّوا بِمَا عَنِتُّمْ مَا أَقَمْتُمْ عَلَى سُنَّتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُرْضِيهِ إِلَّا دُخُولُكُمُ الْجَنَّةَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ) أَيْ إِنْ أَعْرَضَ الْكُفَّارُ يَا مُحَمَّدُ بَعْدَ هَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهَا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ أَيْ كَافِيَّ اللَّهُ تَعَالَى. (لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) أَيِ اعْتَمَدْتُ وَإِلَيْهِ فَوَّضْتُ جَمِيعَ أُمُورِي. (وَهُوَ رب العرش العظيم) خص العرش

[1] راجع ج 3 ص 66.
[2] راجع ج 1 ص 103. وج 2 ص 153، 158
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست