responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 3
قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ" وَالْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ لِلْإِمَامِ، إِنْ شَاءَ حَبَسَهَا وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ. وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَضَافَ الْغَنِيمَةَ لِلْغَانِمِينَ فَقَالَ:" وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ" ثُمَّ عَيَّنَ الْخُمُسَ لِمَنْ سَمَّى فِي كِتَابِهِ، وَسَكَتَ عَنِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ، كَمَا سَكَتَ عَنِ الثُّلُثَيْنِ فِي قَوْلِهِ:" وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ" [1] [النساء: 11] فَكَانَ لِلْأَبِ الثُّلُثَانِ اتِّفَاقًا. وَكَذَا الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ لِلْغَانِمِينَ إِجْمَاعًا، عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالدَّاوُدِيُّ وَالْمَازِرِيُّ أَيْضًا وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ. وَالْأَخْبَارُ بِهَذَا الْمَعْنَى مُتَظَاهِرَةٌ، وسيأتي بعضها. ويكون معنى قوله:" يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ" الْآيَةَ، مَا يُنَفِّلُهُ الْإِمَامُ لِمَنْ شَاءَ لِمَا يَرَاهُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ: هِيَ مَخْصُوصَةٌ بِمَا شَذَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ دَابَّةٍ، يَقْضِي فِيهَا الْإِمَامُ بِمَا أَحَبَّ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا أَنْفَالُ السَّرَايَا أَيْ غَنَائِمُهَا، إِنْ شَاءَ خَمَّسَهَا الْإِمَامُ، وَإِنْ شَاءَ نَفَّلَهَا كُلَّهَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي الْإِمَامِ يَبْعَثُ السَّرِيَّةَ فَيُصِيبُونَ الْمَغْنَمَ: إِنْ شَاءَ الْإِمَامُ نَفَّلَهُ كُلَّهُ، وَإِنْ شَاءَ خَمَّسَهُ. وَحَكَاهُ أَبُو عُمَرَ عَنْ مَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ ثابت: سألت مكحول وَعَطَاءً عَنِ الْإِمَامِ يُنَفِّلُ الْقَوْمَ مَا أَصَابُوا، قَالَ: ذَلِكَ لَهُمْ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا تَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وجل:" يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ" [الأنفال: [1]] أَنَّ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُهَا حَيْثُ شَاءَ. وَلَمْ يَرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ". وَقِيلَ: غَيْرُ هَذَا مِمَّا قَدْ أَتَيْنَا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ (الْقَبَسِ فِي شَرْحِ مُوَطَّإِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ). وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا أَعْلَمُ أن قوله تعالى" يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ" الْآيَةَ، نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ:" وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ" بَلْ قَالَ الْجُمْهُورُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا: إِنَّ قَوْلَهُ:" مَا غَنِمْتُمْ" نَاسِخٌ، وَهُمُ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ التَّحْرِيفُ وَلَا التَّبْدِيلُ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى
. وَأَمَّا قِصَّةُ فَتْحِ مَكَّةَ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي فَتْحِهَا. وَقَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا نَعْلَمُ مَكَّةَ يُشْبِهُهَا شي مِنَ الْبُلْدَانِ مِنْ جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَنَّ رَسُولَ

[1] راجع ج 5 ص 71.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 3
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست