responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 287
ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي اللَّهُ بِهِ، وَاللَّهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا وَإِنِّي لَأَرْجُو اللَّهَ أَنْ يَحْفَظَنِي فِيمَا بَقِيَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ"- حَتَّى بَلَغَ-" إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ"- حَتَّى بَلَغَ-" اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ". قَالَ كَعْبٌ: وَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ إِذْ هَدَانِي اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ" [التوبة: 96 - 95]. قَالَ كَعْبٌ: كُنَّا خُلِّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" وَعَلَى الثَّلاثَةِ" وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا تَخَلُّفَنَا عَنِ الْغَزْوِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) أَيْ بِمَا اتَّسَعَتْ يُقَالُ: مَنْزِلٌ رَحْبٌ وَرَحِيبٌ وَرُحَابٌ. وَ" مَا" مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِرَحْبِهَا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَهْجُورِينَ لَا يُعَامَلُونَ وَلَا يُكَلَّمُونَ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى هِجْرَانِ أَهْلِ الْمَعَاصِي حَتَّى يَتُوبُوا. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) أَيْ ضَاقَتْ صُدُورُهُمْ بِالْهَمِّ وَالْوَحْشَةِ، وَبِمَا لَقُوهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنَ الْجَفْوَةِ. (وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ) أَيْ تَيَقَّنُوا أَنْ لَا مَلْجَأَ يلجئون إِلَيْهِ فِي الصَّفْحِ عَنْهُمْ وَقَبُولِ التَّوْبَةِ مِنْهُمْ إِلَّا إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ. التَّوْبَةُ النَّصُوحُ أَنْ تَضِيقَ عَلَى التَّائِبِ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَتَضِيقُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ، كَتَوْبَةِ كَعْبٍ وَصَاحِبَيْهِ.

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست