responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 270
وَقَالَ آخَرُ:
بَرًّا يُصَلِّي لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ ... يَظَلُّ كَثِيرَ الذِّكْرِ لِلَّهِ سَائِحَا
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: سِيَاحَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الصِّيَامُ، أَسْنَدَهُ الطَّبَرِيُّ. وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (سِيَاحَةُ أُمَّتِي الصِّيَامُ). قَالَ الزَّجَّاجُ: وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ أَنَّهُمُ الذين يصومون القرض. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُمُ الَّذِينَ يُدِيمُونَ الصِّيَامَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: السَّائِحُونَ الْمُجَاهِدُونَ. وَرَوَى أَبُو أُمَامَةَ أَنَّ رَجُلًا أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السِّيَاحَةِ فَقَالَ: (إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ). صَحَّحَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ. وَقِيلَ: السَّائِحُونَ الْمُهَاجِرُونَ قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ. وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يُسَافِرُونَ لِطَلَبِ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ. وَقِيلَ: هُمْ الجاعلون بِأَفْكَارِهِمْ فِي تَوْحِيدِ رَبِّهِمْ وَمَلَكُوتِهِ وَمَا خَلَقَ مِنَ الْعِبَرِ وَالْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَتَعْظِيمِهِ حَكَاهُ النَّقَّاشُ وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الْعُبَّادِ أَخَذَ الْقَدَحَ لِيَتَوَضَّأَ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ فَأَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي أُذُنِ الْقَدَحِ وَقَعَدَ يَتَفَكَّرُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَدْخَلْتُ أُصْبُعِي فِي أُذُنِ الْقَدَحِ فَتَذَكَّرْتُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:" إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ" [1] [غافر: 71] وَذَكَرْتُ كَيْفَ أَتَلَقَّى الْغُلَّ وَبَقِيتُ لَيْلِي فِي ذَلِكَ أَجْمَعَ. قُلْتُ: لَفْظُ" س ي ح" يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَإِنَّ السِّيَاحَةَ أَصْلُهَا الذَّهَابُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَمَا يَسِيحُ الْمَاءُ، فَالصَّائِمُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الطَّاعَةِ فِي تَرْكِ مَا يَتْرُكُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّائِحِ. وَالْمُتَفَكِّرُونَ تَجُولُ قُلُوبُهُمْ فِيمَا ذَكَرُوا. وَفِي الْحَدِيثِ: (إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ مَشَّائِينَ فِي الْآفَاقِ يُبَلِّغُونَنِي صَلَاةَ أُمَّتِي) وَيُرْوَى" صَيَّاحِينَ" بِالصَّادِ، مِنَ الصِّيَاحِ." الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ" يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا." الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ" أَيْ بِالسُّنَّةِ، وَقِيلَ: بِالْإِيمَانِ." وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ" قِيلَ: عَنِ الْبِدْعَةِ. وَقِيلَ: عَنِ الْكُفْرِ. وَقِيلَ: هُوَ عُمُومٌ فِي كُلِّ مَعْرُوفٍ وَمُنْكَرٍ." وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ" أَيِ الْقَائِمُونَ بِمَا أَمَرَ بِهِ وَالْمُنْتَهُونَ عَمَّا نَهَى عنه.

[1] راجع ج 15 ص 331 فما بعد.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست