responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 261
أَيْ مِنْ مَرِّ حِجَجٍ وَمِنْ مَرِّ دَهْرٍ. وَإِنَّمَا دَعَا إِلَى هَذَا أَنَّ مِنْ أُصُولِ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ" مِنْ" لَا يُجَرُّ بِهَا الْأَزْمَانُ، وَإِنَّمَا تُجَرُّ الْأَزْمَانُ بِمُنْذُ، تَقُولُ مَا رَأَيْتُهُ مُنْذُ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ يَوْمٍ، وَلَا تَقُولُ: مِنْ شَهْرٍ وَلَا مِنْ سَنَةٍ وَلَا مِنْ يَوْمٍ. فَإِذَا وَقَعَتْ فِي الْكَلَامِ وَهِيَ يَلِيهَا زَمَنٌ فَيُقَدَّرُ مُضْمَرٌ يَلِيقُ أَنْ يُجَرَّ بِمِنْ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي تَقْدِيرِ الْبَيْتِ. ابْنُ عَطِيَّةَ. وَيَحْسُنُ عِنْدِي أَنْ يُسْتَغْنَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ تَقْدِيرٍ، وَأَنْ تَكُونَ" مِنْ" تَجُرُّ لَفْظَةَ" أَوَّلِ" لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْبُدَاءَةِ، كَأَنَّهُ قَالَ: مِنْ مُبْتَدَأِ الْأَيَّامِ. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ تَقُومَ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَ" أَحَقُّ" هُوَ أَفْعَلُ مِنَ الْحَقِّ، وَأَفْعَلُ لَا يَدْخُلُ إِلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ، لِأَحَدِهِمَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْآخَرِ، فَمَسْجِدُ الضِّرَارِ وَإِنْ كان باطلا لاحق فِيهِ، فَقَدِ اشْتَرَكَا فِي الْحَقِّ مِنْ جِهَةِ اعْتِقَادِ بَانِيهِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ اعْتِقَادِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْقِيَامَ فِيهِ جَائِزٌ لِلْمَسْجِدِيَّةِ، لَكِنَّ أَحَدَ الِاعْتِقَادَيْنِ بَاطِلٌ بَاطِنًا عِنْدَ اللَّهِ، وَالْآخَرُ حَقُّ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا" [1] [الفرقان: 24] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخَيْرِيَّةَ مِنَ النَّارِ مَبْعُودَةٌ، وَلَكِنَّهُ جَرَى عَلَى اعْتِقَادِ كُلِّ فِرْقَةٍ أَنَّهَا عَلَى خَيْرٍ وَأَنَّ مَصِيرَهَا إِلَيْهِ خَيْرٌ، إِذْ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ: الْعَسَلُ أَحْلَى مِنَ الْخَلِّ، فَإِنَّ الْعَسَلَ! وإن كان حلوا فكل شي مُلَائِمٍ فَهُوَ حُلْوٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُقَدِّمُ الْخَلَّ عَلَى الْعَسَلِ [2] مُفْرَدًا بِمُفْرَدٍ وَمُضَافًا إِلَى غَيْرِهِ بِمُضَافٍ. السَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِيهِ) مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَسْجِدَ يُرَادُ بِهِ مَسْجِدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْهَاءُ فِي" أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ" عَائِدٌ إِلَيْهِ. وَ" فِيهِ رِجالٌ" لَهُ أَيْضًا. وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءٍ، فَالضَّمِيرُ فِي" فِيهِ" عَائِدٌ إِلَيْهِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ. الثَّامِنَةُ- أَثْنَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ أَحَبَّ الطَّهَارَةَ وَآثَرَ النَّظَافَةَ، وَهِيَ مُرُوءَةٌ آدَمِيَّةٌ وَوَظِيفَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَسْتَطِيبُوا بِالْمَاءِ فَإِنِّي أَسْتَحْيِيهِمْ. قَالَ: حَدِيثٌ صحيح. وثبت أن

[1] راجع ج 13 ص
[2] كذا في الأصول.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 261
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست