responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 257
السابعة- قوله تعالى: (وَكُفْراً) لما كان اعتقاد هم أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِمَسْجِدِ قُبَاءَ وَلَا لِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرُوا بِهَذَا الِاعْتِقَادِ، قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. وَقِيلَ:" وَكُفْراً" أَيْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا جَاءَ بِهِ، قَالَهُ الْقُشَيْرِيُّ وَغَيْرُهُ. الثَّامِنَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ) أَيْ يُفَرِّقُونَ بِهِ جَمَاعَتَهُمْ لِيَتَخَلَّفَ أَقْوَامٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَكْبَرَ وَالْغَرَضَ الْأَظْهَرَ مِنْ وَضْعِ الْجَمَاعَةِ تَأْلِيفُ الْقُلُوبِ وَالْكَلِمَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَعَقْدُ الذِّمَامِ وَالْحُرْمَةِ بِفِعْلِ الدِّيَانَةِ حَتَّى يَقَعَ الْأُنْسُ بِالْمُخَالَطَةِ، وَتَصْفُوَ الْقُلُوبُ مِنْ وَضَرِ الْأَحْقَادِ. التَّاسِعَةُ- تَفَطَّنَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: لَا تُصَلَّى جَمَاعَتَانِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ بِإِمَامَيْنِ، خِلَافًا لِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ الْمَنْعُ، حَيْثُ كَانَ تَشْتِيتًا لِلْكَلِمَةِ وَإِبْطَالًا لِهَذِهِ الْحِكْمَةِ وَذَرِيعَةً إِلَى أَنْ نَقُولَ: مَنْ يُرِيدُ الِانْفِرَادَ عَنِ الْجَمَاعَةِ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَيُقِيمُ جَمَاعَتَهُ وَيُقَدِّمُ إِمَامَتَهُ فَيَقَعُ الْخِلَافُ وَيَبْطُلُ النِّظَامُ، وَخَفِيَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا كَانَ شَأْنَهُ مَعَهُمْ، وَهُوَ أَثْبَتُ قَدَمًا مِنْهُمْ فِي الْحِكْمَةِ وَأَعْلَمُ بِمَقَاطِعِ الشَّرِيعَةِ. الْعَاشِرَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) يَعْنِي أَبَا عَامِرٍ الرَّاهِبَ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَعَبَّدُ وَيَلْتَمِسُ الْعِلْمَ فَمَاتَ كَافِرًا بِقِنِّسْرِينَ [1] بِدَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا أَجِدُ قَوْمًا يُقَاتِلُونَكَ إِلَّا قَاتَلْتُكَ مَعَهُمْ، فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُهُ إِلَى يَوْمِ حُنَيْنٍ. فَلَمَّا انْهَزَمَتْ هَوَازِنُ خَرَجَ إلى الورم يَسْتَنْصِرُ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْمُنَافِقِينَ وَقَالَ: اسْتَعِدُّوا بِمَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَسِلَاحٍ، وَابْنُوا مَسْجِدًا فَإِنِّي ذاهب إلى قيصر فلت بِجُنْدٍ مِنَ الرُّومِ لِأُخْرِجَ مُحَمَّدًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَبَنَوْا مَسْجِدَ الضِّرَارِ. وَأَبُو عَامِرٍ هَذَا هُوَ وَالِدُ حَنْظَلَةَ غَسِيلِ [2] الْمَلَائِكَةِ. وَالْإِرْصَادُ: الِانْتِظَارُ، تَقُولُ: أَرْصَدْتُ كَذَا إِذَا أَعْدَدْتَهُ مُرْتَقِبًا لَهُ بِهِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ رَصَدْتُهُ وَأَرْصَدْتُهُ فِي الْخَيْرِ، وَأَرْصَدْتُ لَهُ فِي الشَّرِّ. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: لَا يُقَالُ إِلَّا أَرْصَدْتُ، وَمَعْنَاهُ ارْتَقَبْتُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ قَبْلُ) أَيْ مِنْ قَبْلِ بناء مسجد الضرار.

[1] قنسرين (بكسر أوله فتح ثانيه وتشديده ويكسر): كورة بالشام.
[2] سمى غسيل الملائكة لأنه استشهد يوم أحد وغسلته الملائكة وذلك أنه كان قد ألم بأهله في حين خروجه إلى أحد ثم هجم عليه من الخروج في النفير ما أنساه الغسل وأعجله عنه فلما قتل شهيدا أَخْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الملائكة غسلته. (عن الاستيعاب).
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست