responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 220
سَبْعِينَ سَنَةً صَارَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: لَا أُكَلِّمُهُ أَبَدًا. وَمِثْلُهُ فِي الْإِغْيَاءِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) [1]، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا). وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ تَخْيِيرٌ- مِنْهُمُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَعُرْوَةُ- إِنْ شِئْتَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَإِنْ شِئْتَ لَا تَسْتَغْفِرُ. وَلِهَذَا لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ قَالَ عُمَرُ: أَتُصَلِّي عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ الْقَائِلِ يَوْمَ كَذَا كَذَا وَكَذَا؟. فَقَالَ: (إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ). قَالُوا: ثُمَّ نُسِخَ هَذَا لَمَّا نَزَلَ (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ [2]). (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا) أَيْ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُمْ لِكُفْرِهِمْ. الْخَامِسَةُ- قوله تعالى: (مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) الْآيَةَ. وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ عِنْدَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ الِاسْتِغْفَارِ لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا. وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي فَهِمَ مِنْهَا التَّخْيِيرَ بِقَوْلِهِ: (إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ) وَهَذَا مُشْكِلٌ. فَقِيلَ: إِنَّ اسْتِغْفَارَهُ لِعَمِّهِ إِنَّمَا كَانَ مَقْصُودُهُ اسْتِغْفَارًا مَرْجُوَّ الْإِجَابَةِ حَتَّى تَحْصُلَ لَهُ الْمَغْفِرَةُ. وَفِي هَذَا الِاسْتِغْفَارِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ فِي أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِيهِ لِأُمِّهِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ. وَأَمَّا الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُنَافِقِينَ الَّذِي خُيِّرَ فِيهِ فَهُوَ اسْتِغْفَارٌ لِسَانِيٌّ لَا يَنْفَعُ وَغَايَتُهُ تَطْيِيبُ قُلُوبِ بَعْضِ الْأَحْيَاءِ مِنْ قَرَابَاتِ الْمُسْتَغْفَرِ لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسَةُ- وَاخْتُلِفَ فِي إِعْطَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ، فَقِيلَ: إِنَّمَا أَعْطَاهُ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ قَدْ أَعْطَى الْعَبَّاسَ عَمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ يَوْمَ بَدْرٍ. وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبَّاسَ لَمَّا أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ- عَلَى مَا تَقَدَّمَ- وَسُلِبَ ثَوْبُهُ رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَأَشْفَقَ عَلَيْهِ، فَطَلَبَ لَهُ قَمِيصًا فَمَا وُجِدَ لَهُ قَمِيصٌ يُقَادِرُهُ إِلَّا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ، لِتَقَارُبِهِمَا فِي طُولِ الْقَامَةِ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِعْطَاءِ الْقَمِيصِ أَنْ يَرْفَعَ الْيَدَ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى لَا يَلْقَاهُ فِي الْآخِرَةِ وَلَهُ عَلَيْهِ يَدٌ يُكَافِئُهُ بِهَا، وَقِيلَ: إِنَّمَا أَعْطَاهُ الْقَمِيصَ إِكْرَامًا لِابْنِهِ وَإِسْعَافًا لَهُ فِي طُلْبَتِهِ وَتَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرِ

[1] راجع ج 18 ص 268 فما بعد.
[2] راجع ج 18 ص 128.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست