responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 128
إن شرخ الشَّبَابِ وَالشَّعْرَ الْأَسْ ... وَدَ مَا لَمْ يُعَاصَ كَانَ جُنُونًا
وَلَمْ يَقُلْ يُعَاصَيَا. التَّاسِعَةُ- إِنْ قِيلَ: مَنْ لَمْ يَكْنِزْ وَلَمْ يُنْفِقْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْفَقَ فِي الْمَعَاصِي، هَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ فِي الْوَعِيدِ حُكْمَ مَنْ كَنَزَ وَلَمْ يُنْفِقْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قِيلَ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ، فَإِنَّ مَنْ بَذَّرَ مَالَهُ فِي الْمَعَاصِي عَصَى مِنْ جِهَتَيْنِ: بِالْإِنْفَاقِ وَالتَّنَاوُلِ، كَشِرَاءِ الْخَمْرِ وَشُرْبِهَا. بَلْ مِنْ جِهَاتٍ إِذَا كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ مِمَّا تَتَعَدَّى، كَمَنْ أَعَانَ عَلَى ظُلْمِ مُسْلِمٍ مِنْ قَتْلِهِ أَوْ أَخْذِ مَالِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَالْكَانِزُ عَصَى مِنْ جِهَتَيْنِ، وَهُمَا مَنْعُ الزَّكَاةِ وَحَبْسُ الْمَالِ لَا غَيْرَ. وَقَدْ لَا يُرَاعَى حَبْسُ الْمَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْعَاشِرَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ. وَقَدْ فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْعَذَابَ بِقَوْلِهِ: (بَشِّرِ الكنازين بكي في ظهور هم يَخْرُجُ مِنْ جُنُوبِهِمْ وَبِكَيٍّ مِنْ قِبَلِ أَقْفَائِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ جِبَاهِهِمْ) الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. رَوَاهُ أبو ذر في رِوَايَةٍ: (بَشِّرِ الْكَنَّازِينَ بِرَضْفٍ [1] يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نار جهنم فيوضع على حلمة ثدي أحد هم حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ [2] كَتِفَيْهِ وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيَيْهِ فَيَتَزَلْزَلُ) الْحَدِيثَ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فَخُرُوجُ الرَّضْفِ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ إِلَى نُغْضِ كَتِفِهِ لِتَعْذِيبِ قَلْبِهِ وَبَاطِنِهِ حِينَ امْتَلَأَ بِالْفَرَحِ بِالْكَثْرَةِ فِي الْمَالِ وَالسُّرُورِ فِي الدُّنْيَا، فَعُوقِبَ فِي الْآخِرَةِ بِالْهَمِّ وَالْعَذَابِ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- قَالَ عُلَمَاؤُنَا: ظَاهِرُ الْآيَةِ تَعْلِيقُ الْوَعِيدِ عَلَى مَنْ كَنَزَ وَلَا يُنْفِقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَتَعَرَّضُ لِلْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، غَيْرَ أَنَّ صِفَةَ الْكَنْزِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُعْتَبَرَةً، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَكْنِزْ وَمَنَعَ الْإِنْفَاقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّ الَّذِي يُخَبَّأُ تَحْتَ الْأَرْضِ هُوَ الَّذِي يُمْنَعُ إِنْفَاقُهُ فِي الْوَاجِبَاتِ عُرْفًا، فلذلك خص الوعيد به. والله أعلم.

[1] الرضف: الحجارة المحماة.
[2] النغض (بالضم والفتح): أعلى الكتف وقيل: هو العظم الرقيق الذي على طرفه.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست