responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 123
كَثِيرٌ مِنَ الْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ. وَقَوْلُهُ:" بِالْباطِلِ" يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ. (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ يَمْنَعُونَ أَهْلَ دِينِهِمْ عَنِ الدُّخُولِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، وَاتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) الْكَنْزُ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. أَلَا تَرَى قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ). أَيْ يَضُمُّهُ لِنَفْسِهِ وَيَجْمَعُهُ. قَالَ:
وَلَمْ تَزَوَّدْ مِنْ جَمِيعِ الْكَنْزِ ... غَيْرَ خيوط ورثيث بَزَّ «1»
وَقَالَ آخَرُ:
لَا دَرَّ دَرِّي إِنْ أَطْعَمْتُ جَائِعَهُمْ ... قِرْفَ الْحَتِيِّ وَعِنْدِي الْبُرُّ مَكْنُوزُ
قِرْفُ الْحَتِيِّ هُوَ سَوِيقُ الْمُقِلِّ [2]. يَقُولُ: إِنَّهُ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَكَانَ قِرَاهُ عِنْدَهُمْ سَوِيقُ الْمُقِلِّ، وَهُوَ الْحَتِيُّ، فَلَمَّا نَزَلُوا بِهِ قَالَ هُوَ: لَا دَرَّ دَرِّي ... الْبَيْتُ. وَخَصَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ سائر الأموال. قال الطبري: الكنز كل شي مَجْمُوعٌ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، فِي بَطْنِ الْأَرْضِ كَانَ أَوْ عَلَى ظَهْرِهَا. وَسُمِّيَ الذَّهَبُ ذَهَبًا لِأَنَّهُ يَذْهَبُ، وَالْفِضَّةُ لِأَنَّهَا تَنْفَضُّ فَتَتَفَرَّقُ، وَمِنْهُ قوله تعالى:" انْفَضُّوا إِلَيْها" [3] [الجمعة: 11]-" لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" [4] [آل عمران: 159] وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي [آلِ عِمْرَانَ] الثالثة- واختلفت الصَّحَابَةُ [5] فِي الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَذَهَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَهْلُ الْكِتَابِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَصَمُّ لِأَنَّ قَوْلَهُ:" وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ" مَذْكُورٌ بَعْدَ قَوْلِهِ:" إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ". وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ وغيره: المراد بها أهل الكتاب وغير هم مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَهْلَ الْكِتَابِ خَاصَّةً لَقَالَ: وَيَكْنِزُونَ، بِغَيْرِ وَالَّذِينَ. فَلَمَّا قَالَ:" وَالَّذِينَ" فَقَدِ اسْتَأْنَفَ مَعْنًى آخَرَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ عَطَفَ جُمْلَةً عَلَى جُمْلَةٍ. فَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَهُوَ رَفْعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ. قَالَ السُّدِّيُّ: عَنَى أَهْلَ الْقِبْلَةِ. فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. وَعَلَى قَوْلِ الصَّحَابَةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أن الكفار عند هم

(1). الرثيث: البالي، والبز: نوع من الثياب
[2] المقل ثمر شجر الدوم ينضج ويؤكل
[3] راجع ج 18 ص 109.
[4] راجع ج 4 ص 249.
[5] في ج وز: من؟. [ ..... ]
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست