responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 348
مِنْ ظُهُورِهَا، فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُقَاتِلُ مَنْ قَاتَلَهُ وَيَكُفُّ عَمَّنْ كَفَّ عَنْهُ، حَتَّى نَزَلَ" فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ" [1] [التوبة: 5] فَنُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَالرَّبِيعُ: نَسَخَهَا" وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً" [2] [التوبة: 36] فَأُمِرَ بِالْقِتَالِ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُجَاهِدٌ: هِيَ مُحْكَمَةٌ، أَيْ قَاتِلُوا الَّذِينَ هُمْ بِحَالَةِ مَنْ يُقَاتِلُونَكُمْ، وَلَا تَعْتَدُوا فِي قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالرُّهْبَانِ وَشَبَهِهِمْ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ فِي السُّنَّةِ وَالنَّظَرِ، فَأَمَّا السُّنَّةُ فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَكَرِهَ ذَلِكَ، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ. وَأَمَّا النَّظَرُ فَإِنَّ" فَاعَلَ" لَا يَكُونُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا مِنَ اثْنَيْنِ، كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ، وَالْقِتَالِ لَا يَكُونُ فِي النِّسَاءِ وَلَا فِي الصِّبْيَانِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ، كَالرُّهْبَانِ وَالزَّمْنَى وَالشُّيُوخِ وَالْأُجَرَاءِ فَلَا يُقْتَلُونَ. وَبِهَذَا أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى الشَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لهؤلاء أذائه، أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِمْ صُوَرٌ سِتٌّ: الْأُولَى- النِّسَاءُ إِنْ قَاتَلْنَ قُتِلْنَ، قَالَ سَحْنُونٌ: فِي حَالَةِ الْمُقَاتَلَةِ وَبَعْدَهَا، لِعُمُومِ قَوْلِهِ:" وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ"،" وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ" [البقرة: 191]. وَلِلْمَرْأَةِ آثَارٌ عَظِيمَةٌ فِي الْقِتَالِ، مِنْهَا الْإِمْدَادُ بالأموال، ومنها التحريص عَلَى الْقِتَالِ، وَقَدْ يَخْرُجْنَ نَاشِرَاتٍ شُعُورِهِنَّ نَادِبَاتٍ مُثِيرَاتٍ مُعَيِّرَاتٍ بِالْفِرَارِ وَذَلِكَ يُبِيحُ قَتْلَهُنَّ، غَيْرَ أَنَّهُنَّ إِذَا حَصَلْنَ فِي الْأَسْرِ فَالِاسْتِرْقَاقُ أَنْفَعُ لِسُرْعَةِ إِسْلَامِهِنَّ وَرُجُوعِهِنَّ عَنْ أَدْيَانِهِنَّ، وَتَعَذُّرِ فِرَارِهِنَّ إِلَى أَوْطَانِهِنَّ بِخِلَافِ الرِّجَالِ. الثَّانِيَةُ- الصِّبْيَانُ فَلَا يُقْتَلُونَ لِلنَّهْيِ الثَّابِتِ عَنْ قَتْلِ الذُّرِّيَّةِ، وَلِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ قَاتَلَ [الصَّبِيُّ] قُتِلَ. الثَّالِثَةُ- الرُّهْبَانُ لَا يُقْتَلُونَ وَلَا يُسْتَرَقُّونَ، بَلْ يُتْرَكُ لَهُمْ مَا يَعِيشُونَ بِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَهَذَا إِذَا انْفَرَدُوا عَنْ أَهْلِ الْكُفْرِ، لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لِيَزِيدَ «[3]»:" وَسَتَجِدُ أَقْوَامًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حبسوا

[1] راجع ج 8 ص 72 وص 132.
[2] راجع ج 8 ص 72 وص 132.
[3] هو يزيد بن أبى سفيان بن حرب، أسلم يوم فتح مكة، وعقد له أبو بكر رضى الله عنه سنة 13 هـ مع أمراء الجيوش إلى الشام، وكان أول الأمراء الذين خرجوا إليها، وشيعه أبو بكر راجلا، وقال له:" ... وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا تخربن عامرا ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ولا تحرقن نحلا ولا تغرقنه ولا تغلل ولا تغبن". راجع موطأ مالك باب الجهاد، وطبقات ابن سعد وتاريخ الطبري،.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست