responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 19  صفحه : 122
نختبره بالخير والشر، قال الْكَلْبِيُّ. الثَّانِي- نَخْتَبِرُ شُكْرَهُ فِي السَّرَّاءِ وَصَبْرَهُ فِي الضَّرَّاءِ، قَالَهُ الْحَسَنُ. وَقِيلَ: نَبْتَلِيهِ نُكَلِّفُهُ. وَفِيهِ أَيْضًا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- بِالْعَمَلِ بَعْدَ الْخَلْقِ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ. الثَّانِي- بِالدِّينِ لِيَكُونَ مَأْمُورًا بِالطَّاعَةِ وَمَنْهِيًّا عَنِ الْمَعَاصِي. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَبْتَلِيهِ: نُصَرِّفُهُ خَلْقًا بَعْدَ خَلْقٍ، لِنَبْتَلِيَهُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَحَكَى مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) لِنَبْتَلِيَهُ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ مَعْنَاهَا التَّأْخِيرُ. قُلْتُ: لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ لَا يَقَعُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْخِلْقَةِ. وقيل: فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً: يَعْنِي جَعَلْنَا لَهُ سَمْعًا يَسْمَعُ بِهِ الْهُدَى، وَبَصَرًا يُبْصِرُ بِهِ الْهُدَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) أَيْ بَيَّنَّا لَهُ وَعَرَّفْنَاهُ طَرِيقَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ بِبَعْثِ الرُّسُلِ، فَآمَنَ أَوْ كَفَرَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ [البلد: 10]. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ بَيَّنَّا لَهُ السَّبِيلَ إِلَى الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَأَبُو صَالِحٍ وَالسُّدِّيُّ: السَّبِيلُ هُنَا خُرُوجُهُ مِنَ الرَّحِمِ. وَقِيلَ: مَنَافِعُهُ وَمَضَارُّهُ الَّتِي يَهْتَدِي إِلَيْهَا بِطَبْعِهِ وَكَمَالِ عَقْلِهِ. (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) أَيْ أَيُّهُمَا فَعَلَ فقد بينا له. قال الكوفيون: (إن) ها هنا تَكُونُ جَزَاءً وَ (مَا) زَائِدَةٌ أَيْ بَيَّنَّا لَهُ الطَّرِيقَ إِنْ شَكَرَ أَوْ كَفَرَ. وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ وَلَمْ يُجِزْهُ الْبَصْرِيُّونَ، إِذْ لَا تَدْخُلُ (إِنْ) لِلْجَزَاءِ عَلَى الْأَسْمَاءِ إِلَّا أَنْ يُضْمَرَ بَعْدَهَا فِعْلٌ. وَقِيلَ: أَيْ هَدَيْنَاهُ الرُّشْدَ، أَيْ بَيَّنَّا لَهُ سَبِيلَ التَّوْحِيدِ بِنَصْبِ الْأَدِلَّةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنْ خَلَقْنَا لَهُ الْهِدَايَةَ اهْتَدَى وَآمَنَ، وَإِنْ خَذَلْنَاهُ كَفَرَ. وَهُوَ كَمَا تَقُولُ: قَدْ نَصَحْتُ لَكَ، إِنْ شِئْتَ فَاقْبَلْ، وَإِنْ شِئْتَ فَاتْرُكْ، أَيْ فَإِنْ شِئْتَ، فَتُحْذَفُ الْفَاءُ. وَكَذَا إِمَّا شاكِراً وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُقَالُ: هَدَيْتُهُ السَّبِيلَ وَلِلسَّبِيلِ وَإِلَى السَّبِيلِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْفَاتِحَةِ" [1] وَغَيْرِهَا. وَجَمَعَ بَيْنَ الشَّاكِرِ وَالْكَفُورِ، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الشَّكُورِ وَالْكَفُورِ مَعَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ، نَفْيًا لِلْمُبَالَغَةِ فِي الشُّكْرِ وَإِثْبَاتًا لَهَا فِي الْكُفْرِ، لِأَنَّ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُؤَدَّى، فَانْتَفَتْ عَنْهُ الْمُبَالَغَةُ، وَلَمْ تَنْتَفِ عَنِ الْكُفْرِ الْمُبَالَغَةُ، فَقَلَّ شُكْرُهُ، لِكَثْرَةِ النِّعَمِ عَلَيْهِ [2] وَكَثْرَةِ كُفْرِهِ وَإِنْ قَلَّ مَعَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ. حكاه الماوردي.

[1] راجع ج 1 ص 147 وص (160)
[2] في ا، ح، و: (وكثرة كفره).
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 19  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست