responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 59
قُلْتُ: وَمَدْيَنُ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَهِيَ قَرْيَةُ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقِيلَ: إِنَّ الطُّورَ كُلُّ جَبَلٍ أَنْبَتَ، وَمَا لَا يُنْبِتُ فَلَيْسَ بِطُورٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ) [1] مُسْتَوْفًى. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) أَيْ مَكْتُوبٌ، يَعْنِي القرآن يقرؤه المؤمنون من المصاحف، ويقرءوه الْمَلَائِكَةُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) [2]. وَقِيلَ: يَعْنِي سَائِرَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَكَانَ كُلُّ كِتَابٍ فِي رَقٍّ يَنْشُرُهُ أَهْلُهُ لِقِرَاءَتِهِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِمُوسَى بِيَدِهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُوسَى يَسْمَعُ صَرِيرَ الْقَلَمِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ، فَمِنْ آخِذٍ كِتَابَهِ بِيَمِينِهِ، وَمِنْ آخِذٍ كِتَابَهِ بِشِمَالِهِ، نَظِيرُهُ: (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) [3] وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) [4]. وَقِيلَ: إِنَّهُ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ فِي السَّمَاءِ يَقْرَءُونَ فِيهِ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَا كَتَبَ اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْأَوْلِيَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، بَيَانُهُ: (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ) [5]. قُلْتُ: وَفِي هَذَا الْقَوْلِ تَجَوُّزٌ، لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْقُلُوبِ عَنِ الرَّقِّ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: الرَّقُّ مَا رُقِّقَ مِنَ الْجِلْدِ لِيُكْتَبَ فِيهِ، وَالْمَنْشُورُ الْمَبْسُوطُ. وَكَذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ، قَالَ: وَالرَّقُّ بِالْفَتْحِ مَا يُكْتَبُ فِيهِ وَهُوَ جِلْدٌ رَقِيقٌ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) وَالرَّقُّ أَيْضًا الْعَظِيمُ مِنَ السَّلَاحِفِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَجَمْعُهُ رُقُوقٌ. وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ مَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكُلُّ صَحِيفَةٍ فَهِيَ رَقٌّ لِرِقَّةِ حَوَاشِيهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُتَلَمِّسِ:
فَكَأَنَّمَا هِيَ مِنْ تَقَادُمِ عَهْدِهَا ... رَقٌّ أُتِيحَ كِتَابُهَا مَسْطُورُ «6»
وَأَمَّا الرِّقُّ بِالْكَسْرِ فَهُوَ الْمِلْكُ، يُقَالُ: عَبْدٌ مَرْقُوقٌ. وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الرَّقَّ بِالْفَتْحِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ حِيَالَ الْكَعْبَةِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ يخرجون منه فلا يعودون إليه. قال

[1] راجع ج 1 ص 436.
[2] راجع ص 224 وص 308 من هذا الجزء.
[3] راجع ج 10 ص 229.
[4] راجع ج 19 ص 232.
[5] راجع ص 224 وص 308 من هذا الجزء.
(6). لم تعثر على هذا البيت في ديوان المتلمس.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست