responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 165
يَعْنُونَ الْأَرْضَ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ هَلَكَ أَهْلُ الْأَرْضِ فَنَزَلَتْ: (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [1] فَأَيْقَنَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالْهَلَاكِ، وَقَالَهُ مُقَاتِلٌ. وَوَجْهُ النِّعْمَةِ فِي فَنَاءِ الْخَلْقِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي الْمَوْتِ، وَمَعَ الْمَوْتِ تَسْتَوِي الْأَقْدَامُ. وَقِيلَ: وَجْهُ النِّعْمَةِ أَنَّ الْمَوْتَ سَبَبُ النَّقْلِ إِلَى دَارِ الْجَزَاءِ وَالثَّوَابِ. (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) أَيْ وَيَبْقَى اللَّهُ، فَالْوَجْهُ عِبَارَةٌ عَنْ وُجُودِهِ وَذَاتِهِ سُبْحَانَهُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
قَضَى عَلَى خلقه المنايا ... فكل شي سِوَاهُ فَانِي
وَهَذَا الَّذِي ارْتَضَاهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ عُلَمَائِنَا: ابْنُ فَوْرَكٍ وَأَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْوَجْهُ عِبَارَةٌ عَنْهُ كَمَا قَالَ: (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَأَمَّا الْوَجْهُ فَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ مُعْظَمِ أَئِمَّتِنَا وُجُودُ الْبَارِي تَعَالَى، وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا. وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) والموصف بِالْبَقَاءِ عِنْدَ تَعَرُّضِ الْخَلْقِ لِلْفَنَاءِ وُجُودُ الْبَارِي تَعَالَى. وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ) [2] الْقَوْلُ فِي هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْكِتَابِ الْأَسْنَى مُسْتَوْفًى. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: قَالَ قَوْمٌ هُوَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الذَّاتِ لَا تُكَيَّفُ، يَحْصُلُ بِهَا الْإِقْبَالُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الرَّبُّ تَخْصِيصَهُ بِالْإِكْرَامِ. وَالصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ: وَجْهُهُ وُجُودُهُ وَذَاتُهُ، يُقَالُ: هذا وجه الامر وَوَجْهُ الصَّوَابِ وَعَيْنُ الصَّوَابِ. وَقِيلَ: أَيْ يَبْقَى الظَّاهِرُ بِأَدِلَّتِهِ كَظُهُورِ الْإِنْسَانِ بِوَجْهِهِ. وَقِيلَ: وَتَبْقَى الْجِهَةُ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ. (ذُو الْجَلالِ) الْجَلَالُ عَظَمَةُ اللَّهِ وَكِبْرِيَاؤُهُ وَاسْتِحْقَاقُهُ صِفَاتَ الْمَدْحِ، يُقَالُ: جَلَّ الشَّيْءُ أَيْ عَظُمَ وَأَجْلَلْتُهُ أَيْ عَظَّمْتُهُ، وَالْجَلَالُ اسْمٌ مِنْ جَلَّ. (وَالْإِكْرامِ) أي هو أهل لان يكرم عمالا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الشِّرْكِ، كَمَا تَقُولُ: أَنَا أُكْرِمُكَ عَنْ هَذَا، وَمِنْهُ إِكْرَامُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ. وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى هَذَيْنِ، الِاسْمَيْنِ لُغَةً وَمَعْنًى فِي الْكِتَابِ الْأَسْنَى مُسْتَوْفًى. وَرَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَلِظُّوا بيا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ). وَرُوِيَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمَعْنَاهُ: الْزَمُوا ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ. قال أبو عبيد:

[1] راجع ج 13 ص 322.
[2] راجع ج 2 ص 83. [ ..... ]
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست