responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 129
إِذَا كَذَّبُوا وَخَالَفُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) [1] ف (فَما) نَفْيٌ أَيْ لَيْسَتْ تُغْنِي عَنْهُمُ النُّذُرُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامًا بِمَعْنَى التَّوْبِيخِ، أَيْ فَأَيُّ شي تُغْنِي النُّذُرُ عَنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْهَا. وَ (النُّذُرُ) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْإِنْذَارِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جَمْعُ نَذِيرٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) أَيْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ. قِيلَ: هَذَا مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. وَقِيلَ: هُوَ تَمَامُ الْكَلَامِ. ثُمَّ قال: (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) الْعَامِلُ فِي (يَوْمَ) (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) أَوْ (خُشَّعاً) أَوْ فِعْلٌ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ وَاذْكُرْ يَوْمَ. وَقِيلَ: عَلَى حَذْفِ حَرْفِ الْفَاءِ وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ مِنْ جَوَابِ الْأَمْرِ، تَقْدِيرُهُ: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي. وَقِيلَ: تَوَلَّ عَنْهُمْ يَا مُحَمَّدُ فَقَدْ أَقَمْتَ الْحُجَّةَ وَأَبْصِرْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي. وَقِيلَ: أَيْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ وَعَنْ أَحْوَالِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يُدْعَوْنَ (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) وَيَنَالُهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ. وَهُوَ كَمَا تَقُولُ: لَا تَسْأَلُ عَمَّا جَرَى عَلَى فُلَانٍ إِذَا أَخْبَرْتُهُ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ. وقيل: أي وكل أمر مستقر يوم يدعوا الدَّاعِي. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ (نُكْرٌ) بِإِسْكَانِ الْكَافِ، وَضَمَّهَا الْبَاقُونَ وَهُمَا لُغَتَانِ كَعُسْرٍ وَعُسُرٍ وَشُغْلٍ وَشُغُلٍ، وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ الْفَظِيعُ الْعَظِيمُ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَالدَّاعِي هُوَ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَدْ روي عن مجاهد وقتادة أنهما قرءا (إِلَى شَيْءٍ نُكِرَ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ. (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) الْخُشُوعُ فِي الْبَصَرِ الْخُضُوعُ وَالذِّلَّةُ، وَأَضَافَ الْخُشُوعَ إِلَى الْأَبْصَارِ لِأَنَّ أَثَرَ الْعِزِّ وَالذُّلِّ يَتَبَيَّنُ فِي نَاظِرِ الْإِنْسَانِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (أَبْصارُها خاشِعَةٌ) [2] وَقَالَ تَعَالَى: (خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) [3]. وَيُقَالُ: خَشَعَ وَاخْتَشَعَ إِذَا ذَلَّ. وَخَشَعَ بِبَصَرِهِ أَيْ غَضَّهُ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو (خَاشِعًا) بِالْأَلِفِ وَيَجُوزُ فِي أَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ إِذَا تَقَدَّمَتْ عَلَى الْجَمَاعَةِ التَّوْحِيدُ، نَحْوُ: (خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ) وَالتَّأْنِيثُ نَحْوُ: (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) [4] وَيَجُوزُ الْجَمْعُ نحو: (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) قال «[5]»:
وَشَبَابٍ حَسَنٍ أَوْجُهُهُمْ ... مِنْ إِيَادِ بْنِ نِزَارِ بن معد

[1] راجع ج 8 ص (386)
[2] راجع ج 19 ص (194)
[3] راجع ج 15 ص 45.
[4] راجع ج 18 ص (248)
[5] هو الحرث بن دوس الايادي، ويروى لابي دواد الايادي.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست