responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 79
وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِكَسْرِ الزَّايِ، مِنْ أَنْزَفَ الْقَوْمُ إِذَا حَانَ مِنْهُمُ النَّزْفُ وَهُوَ السُّكْرُ، يُقَالُ: أَحْصَدَ الزَّرْعُ إِذَا حَانَ حَصَادُهُ، وَأَقْطَفَ الْكَرْمُ إِذَا حَانَ قِطَافُهُ، وَأَرْكَبَ الْمُهْرُ إِذَا حَانَ رُكُوبُهُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا يُنْفِدُونَ شَرَابَهُمْ، لِأَنَّهُ دَأْبُهُمْ، يُقَالُ: أَنْزَفَ الرَّجُلُ فَهُوَ مَنْزُوفٌ إِذَا فَنِيَتْ خَمْرُهُ. قَالَ الْحُطَيْئَةُ «[1]»:
لَعَمْرِي لَئِنْ أنزفتم أو صحوتم ... ولبئس النَّدَامَى كُنْتُمُ آلَ أَبْجَرَا
النَّحَّاسُ: وَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى أَبْيَنُ وَأَصَحُّ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّ مَعْنَى" يُنْزَفُونَ" عِنْدَ جِلَّةِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ، فَنَفَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ خَمْرِ الْجَنَّةِ الْآفَاتِ الَّتِي تَلْحَقُ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَمْرِهَا مِنَ الصُّدَاعِ وَالسُّكْرِ. وَمَعْنَى" يُنْزَفُونَ" الصَّحِيحُ فِيهِ أَنَّهُ يُقَالُ: أَنْزَفَ الرَّجُلُ إِذَا نَفِدَ شَرَابُهُ، وَهُوَ يَبْعُدُ أَنْ يُوصَفَ بِهِ شَرَابُ الْجَنَّةِ، وَلَكِنَّ مَجَازَهُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى لَا يَنْفَدُ أَبَدًا. وَقِيلَ:" لَا يُنْزِفُونَ" بِكَسْرِ الزَّايِ لَا يَسْكَرُونَ، ذَكَرَهُ الزَّجَّاجُ وَأَبُو عَلِيٍّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ. الْمَهْدَوِيُّ: وَلَا يَكُونُ مَعْنَاهُ يَسْكَرُونَ، لِأَنَّ قَبْلَهُ" لَا فِيها غَوْلٌ". أَيْ لَا تَغْتَالُ عُقُولَهُمْ فَيَكُونُ تَكْرَارًا، وَيَسُوغُ ذَلِكَ فِي" الْوَاقِعَةِ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى" لَا فِيها غَوْلٌ" لَا يَمْرَضُونَ، فَيَكُونُ مَعْنَى" وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ" لَا يَسْكَرُونَ أَوْ لَا يَنْفَدُ شَرَابُهُمْ. قَالَ قَتَادَةُ الْغَوْلُ وَجَعُ الْبَطْنِ. وَكَذَا رَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ" لَا فِيها غَوْلٌ" قَالَ لَا فِيهَا وَجَعُ بَطْنٍ. الْحَسَنُ: صُدَاعٌ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ:" لَا فِيها غَوْلٌ" لَا فِيهَا صُدَاعٌ. وَحَكَى الضَّحَّاكُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْخَمْرِ أَرْبَعُ خِصَالٍ: السُّكْرُ وَالصُّدَاعُ وَالْقَيْءُ وَالْبَوْلُ، فَذَكَرَ اللَّهُ خَمْرَ الْجَنَّةِ فَنَزَّهَهَا عَنْ هَذِهِ الْخِصَالِ. مُجَاهِدٌ: دَاءٌ. ابْنُ كَيْسَانَ: مَغَصٌ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:" لَا فِيها غَوْلٌ" أَيْ إِثْمٌ، نَظِيرُهُ:" لَا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ" [الطُّورُ: 23]. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: لَا تَغْتَالُ عُقُولَهُمْ فَتَذْهَبُ بِهَا. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَمَا زَالَتِ الْكَأْسُ تَغْتَالُنَا ... وَتَذْهَبُ بِالْأَوَّلِ الْأَوَّلِ

[1] نسبه الجوهر يألى الابيردى. وأبجر هو أبجر بن جابر العجلى وكان نصرانيا.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست