responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 62
تَعَالَى:" أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ" [الملك: 19]. وَالصَّفُّ تَرْتِيبُ الْجَمْعِ عَلَى خَطٍّ كَالصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ. والصَّافَّاتِ" جَمْعُ الْجَمْعِ، يُقَالُ: جَمَاعَةٌ صَافَّةٌ ثُمَّ يُجْمَعُ صَافَّاتٍ. وَقِيلَ: الصَّافَّاتُ جَمَاعَةُ النَّاسِ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا قَامُوا صَفًّا فِي الصَّلَاةِ أَوْ في الجهاد، ذكره القشيري." فَالزَّاجِراتِ" الْمَلَائِكَةُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمَسْرُوقٍ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. إِمَّا لِأَنَّهَا تَزْجُرُ السَّحَابَ وَتَسُوقُهُ فِي قَوْلِ السُّدِّيِّ. وَإِمَّا لِأَنَّهَا تَزْجُرُ عَنِ الْمَعَاصِي بِالْمَوَاعِظِ وَالنَّصَائِحِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ زَوَاجِرُ الْقُرْآنِ." فَالتَّالِياتِ ذِكْراً" الْمَلَائِكَةُ تقرأ كتاب الله تعالى، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ جِبْرِيلُ وَحْدَهُ فَذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، لِأَنَّهُ كَبِيرُ الْمَلَائِكَةِ فَلَا يَخْلُو مِنْ جُنُودٍ وَأَتْبَاعٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ تَلَا ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَكُتُبَهُ. وَقِيلَ: هِيَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَصَفَهَا بِالتِّلَاوَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:" إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ" [النمل: 76]. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِآيَاتِ الْقُرْآنِ تَالِيَاتٌ، لِأَنَّ بَعْضَ الْحُرُوفِ يَتْبَعُ بَعْضًا، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّالِيَاتِ الْأَنْبِيَاءُ يَتْلُونَ الذِّكْرَ عَلَى أُمَمِهِمْ. فَإِنْ قِيلَ: مَا حُكْمُ الْفَاءِ إِذَا جَاءَتْ عَاطِفَةً فِي الصِّفَاتِ؟ قِيلَ لَهُ: إِمَّا أَنْ تَدُلَّ عَلَى تَرَتُّبِ مَعَانِيهَا فِي الوجود، كقوله «[1]»:
يَا لَهْفَ زَيَّابَةَ لِلْحَارِثِ الصَّ ... ابِحِ فَالْغَانِمِ فَالْآيِبِ
كَأَنَّهُ قَالَ: الَّذِي صَبَّحَ فَغَنِمَ فَآبَ. وَإِمَّا عَلَى تَرَتُّبِهَا فِي التَّفَاوُتِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ كَقَوْلِكَ: خُذِ الْأَفْضَلَ فَالْأَكْمَلَ، وَاعْمَلِ الْأَحْسَنَ فَالْأَجْمَلَ. وَإِمَّا عَلَى تَرَتُّبِ مَوْصُوفَاتِهَا فِي ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ فَالْمُقَصِّرِينَ. فَعَلَى هَذِهِ الْقَوَانِينِ الثَّلَاثَةِ يَنْسَاقُ أَمْرُ الْفَاءِ الْعَاطِفَةِ فِي الصِّفَاتِ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ." إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ" جَوَابُ الْقَسَمِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: وَذَلِكَ أَنَّ الْكُفَّارَ بِمَكَّةَ قَالُوا أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً، وَكَيْفَ يَسَعُ هَذَا الْخَلْقَ فَرْدُ إِلَهٍ! فَأَقْسَمَ اللَّهُ بِهَؤُلَاءِ تشريفا.

[1] هو سلمة بن ذهل ويعرف بابن زيابة وزيابة أبوه، وقيل اسم أمه. يقول يا لهف أبى على الحرث إذا صبح قومي بالغارة فغنم وآب سالما ألا أكون لقيته فقتلته. ويريد يا لهف نفسي. والحرث هو الحرث بن همام الشيباني كما في شرح أشعار الحماسة. وبعد هذا البيت:
والله لو لاقيته خاليا ... ولآب سيقانا مع الغالب
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست