responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 364
لو شَاءَ لَأَعْدَمَهُمَا أَوْ طَمَسَ نُورَهُمَا." وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ" وَصَوَّرَهُنَّ وَسَخَّرَهُنَّ، فَالْكِنَايَةُ تَرْجِعُ إِلَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَقِيلَ: لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ خَاصَّةً، لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمْعٌ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَعْنَى الْآيَاتِ" إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" وَإِنَّمَا أَنَّثَ عَلَى جَمْعِ التَّكْثِيرِ وَلَمْ يَجْرِ عَلَى طَرِيقِ التَّغْلِيبِ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ لِأَنَّهُ فِيمَا لَا يَعْقِلُ." فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا" يَعْنِي الْكُفَّارَ عَنِ السُّجُودِ لِلَّهِ" فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ" مِنَ الْمَلَائِكَةِ" يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ" أي لا يملون عبادته. قال زهير
سميت تَكَالِيفَ الْحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشْ ... - ثَمَانِينَ حَوْلًا لَا أبالك يَسْأَمُ
مَسْأَلَةٌ- هَذِهِ الْآيَةُ آيَةُ سَجْدَةٍ بِلَا خِلَافٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ مِنْهَا. فَقَالَ مَالِكٌ: مَوْضِعُهُ" إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ"، لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِالْأَمْرِ. وَكَانَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمْ يَسْجُدُونَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" تَعْبُدُونَ". وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَالشَّافِعِيُّ: مَوْضِعُهُ" وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ" لِأَنَّهُ تَمَامُ الْكَلَامِ وَغَايَةُ الْعِبَادَةِ وَالِامْتِثَالِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْجُدُ عِنْدَ قَوْلِهِ:" يَسْأَمُونَ". وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: اسْجُدُوا بِالْآخِرَةِ مِنْهُمَا. وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ مَسْرُوقٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَبِي صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ وَطَلْحَةَ وَزُبَيْدٍ الْيَامِيَّيْنِ [1] وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ. وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ وَقَتَادَةُ وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَسْجُدُونَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" يَسْأَمُونَ". قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ. مَسْأَلَةٌ: ذَكَرَ ابْنُ خُوَيْزَ مَنْدَادَ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَضَمَّنَتْ صَلَاةَ كُسُوفِ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَكْسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ. قُلْتُ: صَلَاةُ الْكُسُوفِ ثَابِتَةٌ فِي الصِّحَاحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا. وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّتِهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا، لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ، وَحَسْبُكَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْعُمْدَةُ فِي الباب. والله الموفق للصواب.

[1] هذه النسبة الى يامة بطن من همدان.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست