responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 23
هَذَا مَوْضِعُ حُضُورِ الْحَسْرَةِ. الطَّبَرِيُّ: الْمَعْنَى يَا حَسْرَةً مِنَ الْعِبَادِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَتَنَدُّمًا وَتَلَهُّفًا في استهزائهم برسل عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. ابْنُ عَبَّاسٍ:" يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ" أَيْ يَا وَيْلًا عَلَى الْعِبَادِ. وَعَنْهُ أَيْضًا حَلَّ هَؤُلَاءِ مَحَلَّ مَنْ يُتَحَسَّرُ عَلَيْهِمْ. وَرَوَى الرَّبِيعُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أن العباد ها هنا الرُّسُلُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ قَالُوا:" يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ" فَتَحَسَّرُوا عَلَى قَتْلِهِمْ، وَتَرْكِ الْإِيمَانِ بِهِمْ، فَتَمَنَّوُا الْإِيمَانَ حِينَ لم ينفعهم الإيمان، وقال مُجَاهِدٌ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّهَا حَسْرَةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْكُفَّارِ حِينَ كَذَّبُوا الرُّسُلَ. وَقِيلَ:" يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ" مِنْ قَوْلِ الرَّجُلِ الَّذِي جَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى، لَمَّا وَثَبَ الْقَوْمُ لِقَتْلِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ الرُّسُلَ الثَّلَاثَةَ هُمُ الَّذِينَ قَالُوا لَمَّا قَتَلَ الْقَوْمُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي جَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى، وَحَلَّ بِالْقَوْمِ العذاب: يا حسرة على هؤلاء، كأنهم أمنوا أَنْ يَكُونُوا قَدْ آمَنُوا. وَقِيلَ: هَذَا مِنْ قَوْلِ الْقَوْمِ قَالُوا لَمَّا قَتَلُوا الرَّجُلَ وَفَارَقَتْهُمُ الرُّسُلُ، أَوْ قَتَلُوا الرَّجُلَ مَعَ الرُّسُلِ الثَّلَاثَةِ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ: يَا حَسْرَةً عَلَى هَؤُلَاءِ الرُّسُلِ، وَعَلَى هَذَا الرَّجُلِ، لَيْتَنَا آمَنَّا بِهِمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَنْفَعُ الْإِيمَانُ وَتَمَّ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ:" مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ". وَقَرَأَ ابْنُ هُرْمُزَ وَمُسْلِمُ بْنُ جُنْدَبٍ وَعِكْرِمَةُ:" يَا حَسْرَهْ عَلَى الْعِبَادِ" بِسُكُونِ الْهَاءِ لِلْحِرْصِ عَلَى الْبَيَانِ وَتَقْرِيرِ الْمَعْنَى فِي النَّفْسِ، إِذْ كَانَ مَوْضِعَ وَعْظٍ وَتَنْبِيهٍ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعًا لِلْوَقْفِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ قِرَاءَتَهُ حَرْفًا حَرْفًا، حِرْصًا عَلَى الْبَيَانِ وَالْإِفْهَامِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" عَلَى الْعِبادِ" مُتَعَلِّقًا بِالْحَسْرَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ لَا بِالْحَسْرَةِ، فَكَأَنَّهُ قَدَّرَ الْوَقْفَ عَلَى الْحَسْرَةِ فَأَسْكَنَ الْهَاءَ، ثُمَّ قَالَ:" عَلَى الْعِبادِ" أَيْ أَتَحَسَّرُ عَلَى الْعِبَادِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمَا:" يَا حَسْرَةَ الْعِبَادِ" مُضَافٌ بِحَذْفِ" عَلَى". وَهُوَ خِلَافُ الْمُصْحَفِ. وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْإِضَافَةِ إِلَى الْفَاعِلِ فَيَكُونُ الْعِبَادُ فَاعِلِينَ، كَأَنَّهُمْ إِذَا شَاهَدُوا الْعَذَابَ تَحَسَّرُوا فَهُوَ كَقَوْلِكَ يَا قِيَامَ زَيْدٍ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ بَابِ الْإِضَافَةِ إِلَى الْمَفْعُولِ، فَيَكُونُ الْعِبَادُ مَفْعُولِينَ، فَكَأَنَّ الْعِبَادَ يَتَحَسَّرُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُشْفِقُ لَهُمْ. وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ:" يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ" مُقَوِّيَةٌ لهذا المعنى.

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 15  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست