responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 7
(وَاتَّخَذُوا آياتِي) يَعْنِي الْقُرْآنَ. (وَما أُنْذِرُوا) مِنَ الْوَعِيدِ (هُزُواً) وَ" مَا" بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ أَيْ وَالْإِنْذَارُ وَقِيلَ: بِمَعْنَى الَّذِي، أَيِ اتَّخَذُوا الْقُرْآنَ وَالَّذِي أُنْذِرُوا بِهِ مِنَ الْوَعِيدِ هُزُوًا أَيْ لَعِبًا وَبَاطِلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْبَقَرَةِ" [1] بَيَانُهُ. وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ أَبِي جَهْلٍ فِي الزُّبْدِ وَالتَّمْرِ هَذَا هُوَ الزَّقُّومُ وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُهُمْ فِي الْقُرْآنِ هُوَ سِحْرٌ وَأَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَأَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَقَالُوا لِلرَّسُولِ:" هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ" [2] [الأنبياء: [3]] " وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ" [3] [الزخرف: 31] و" ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا" [4] [المدثر: 31]. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها) أَيْ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ لِنَفْسِهِ مِمَّنْ وُعِظَ بِآيَاتِ رَبِّهِ، فَتَهَاوَنَ بِهَا وَأَعْرَضَ عَنْ قَبُولِهَا. (وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَداهُ) أَيْ تَرَكَ كُفْرَهُ وَمَعَاصِيَهُ فَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا، فالنسيان هنا بمعنى الترك قيل: الْمَعْنَى نَسِيَ مَا قَدَّمَ لِنَفْسِهِ وَحَصَّلَ مِنَ الْعَذَابِ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ، أَيْ نَحْنُ مَنَعْنَا الْإِيمَانَ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ قُلُوبَهُمْ وَأَسْمَاعَهُمْ. (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى) أَيْ إِلَى الْإِيمَانِ، (فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) نَزَلَ فِي قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ، وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ قَوْلَهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ في" سبحان" [5] [الاسراء: [1]] وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) أَيْ لِلذُّنُوبِ. وَهَذَا يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ دُونَ الْكَفَرَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ" [6] [النساء: 48]." ذُو الرَّحْمَةِ" فِيهِ أَرْبَعُ تَأْوِيلَاتٍ: أَحَدُهَا- ذُو الْعَفْوِ. الثَّانِي- ذُو الثَّوَابِ، وَهُوَ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ دُونَ الْكُفْرِ. [الثَّالِثُ] ذُو النِّعْمَةِ. [الرَّابِعُ] ذُو الْهُدَى، وَهُوَ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ يَعُمُّ أَهْلَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، لِأَنَّهُ يُنْعِمُ فِي الدُّنْيَا عَلَى الْكَافِرِ، كَإِنْعَامِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِ. وَقَدْ أَوْضَحَ هُدَاهُ لِلْكَافِرِ كَمَا أَوْضَحَهُ لِلْمُؤْمِنِ وَإِنِ اهْتَدَى بِهِ الْمُؤْمِنُ دُونَ الْكَافِرِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا) أَيْ مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي. (لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ) وَلَكِنَّهُ يُمْهِلُ. (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ) أَيْ أَجَلٌ مُقَدَّرٌ يؤخرون إليه، نظيره:" لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ" [7] [الانعام: 67]،" لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ" [8] [الرعد: 38]

[1] راجع ج 3 ص 156 فما بعد.
[2] راجع ص 269 من هذا الجزء.
[3] راجع ج 16 ص 82.
[4] راجع ج 19 ص 80.
[5] راجع ج 10 ص 271.
[6] راجع ج 5 ص 245.
[7] راجع ج 7 ص 11.
[8] راجع ج 9 ص 328.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست