responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 62
قَوْلُهُ تَعَالَى:" قالَ انْفُخُوا" إِلَى آخَرَ الْآيَةِ أَيْ عَلَى زُبَرِ الْحَدِيدِ بِالْأَكْيَارِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِوَضْعِ طَاقَةٍ مِنَ الزُّبَرِ وَالْحِجَارَةِ، ثُمَّ يُوقَدُ عَلَيْهَا الْحَطَبَ وَالْفَحْمَ بِالْمَنَافِخِ حَتَّى تُحْمَى، وَالْحَدِيدُ إِذَا أُوقِدَ عَلَيْهِ صَارَ كَالنَّارِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَارًا" ثُمَّ يُؤْتَى بِالنُّحَاسِ الْمُذَابِ أَوْ بِالرَّصَاصِ أَوْ بِالْحَدِيدِ بِحَسَبِ الْخِلَافِ فِي الْقِطْرِ، فَيُفْرِغُهُ عَلَى تِلْكَ الطَّاقَةِ الْمُنَضَّدَةِ، فَإِذَا الْتَأَمَ وَاشْتَدَّ وَلَصِقَ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ اسْتَأْنَفَ وَضْعَ طَاقَةٍ أُخْرَى، إِلَى أَنِ اسْتَوَى الْعَمَلُ فَصَارَ جَبَلًا صَلْدًا. قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ كَالْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ، طَرِيقَةٌ سَوْدَاءُ، وَطَرِيقَةٌ حَمْرَاءُ. وَيُرْوَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي رَأَيْتُ سَدَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ قَالَ: (كَيْفَ رَأَيْتَهُ) قَالَ: رَأَيْتُهُ كَالْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ، طَرِيقَةٌ صَفْرَاءُ وَطَرِيقَةٌ حَمْرَاءُ، وَطَرِيقَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ رَأَيْتَهُ). وَمَعْنَى" حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَارًا" أَيْ كَالنَّارِ. وَمَعْنَى: (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) أَيْ أَعْطُونِي قِطْرًا أُفْرِغُ عَلَيْهِ، عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ. وَمَنْ قَرَأَ:" ائْتُونِي" فَالْمَعْنَى عِنْدَهُ تَعَالَوْا أُفْرِغْ عَلَيْهِ نُحَاسًا. وَالْقَطْرُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ النُّحَاسُ الْمُذَابُ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْقَطْرِ، لِأَنَّهُ إِذَا أُذِيبَ قَطَرَ كَمَا يَقْطُرُ الْمَاءُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْقِطْرُ الْحَدِيدُ الْمُذَابُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الرَّصَاصُ الْمُذَابُ. وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَطَرَ يَقْطُرُ قَطْرًا. وَمِنْهُ" وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ" [1]. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) أَيْ مَا اسْتَطَاعَ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ أَنْ يَعْلُوَهُ وَيَصْعَدُوا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَمْلَسُ مُسْتَوٍ مَعَ الْجَبَلِ وَالْجَبَلُ عَالٍ لَا يُرَامُ. وَارْتِفَاعُ السَّدِّ مِائَتَا ذِرَاعٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا. وَرُوِيَ: فِي طُولِهِ مَا بَيْنَ طَرَفَيِ الْجَبَلَيْنِ مائة فرسخ: وفي عرضه خمسون فرسخ، قَالَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ. (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا) لِبُعْدِ عَرْضِهِ وَقُوَّتِهِ. وَرُوِيَ فِي الصَّحِيحُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ) وَعَقَدَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ بِيَدِهِ تِسْعِينَ- وَفِي رِوَايَةٍ- وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن يأجوج ومأجوج

[1] راجع ج 14 ص 268.
(
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست