responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 35
أن هذه الألفاظ إنما تجئ مُرَاعًى بِهَا الزَّمَانُ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَدَثَ [1] الْمُقَدَّمَ الْمَوْجُودَ هُوَ الْأَمَامُ، وَالَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ هُوَ الْوَرَاءُ وَهُوَ مَا خُلِّفَ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا يَظْهَرُ بَادِيَ الرَّأْيِ، وَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ فِي مَوَاضِعِهَا حَيْثُ وَرَدَتْ تَجِدْهَا تَطَّرِدُ، فَهَذِهِ الْآيَةُ مَعْنَاهَا: إِنَّ هَؤُلَاءِ وَعَمَلُهُمْ وَسَعْيُهُمْ يَأْتِي بَعْدَهُ فِي الزَّمَانِ غَصْبُ هَذَا الْمَلِكِ، وَمَنْ قَرَأَ" أَمَامَهُمْ" أَرَادَ فِي الْمَكَانِ، أَيْ كَأَنَّهُمْ يَسِيرُونَ إِلَى بَلَدٍ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (الصَّلَاةُ أَمَامَكَ) [2] يُرِيدُ فِي الْمَكَانِ، وَإِلَّا فَكَوْنُهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ أَمَامَ الصَّلَاةِ فِي الزَّمَانِ، وَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فَإِنَّهَا مُرِيحَةٌ مِنْ شَغَبِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَوَقَعَ لِقَتَادَةَ فِي كِتَابِ الطَّبَرِيِّ" وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ" قَالَ قَتَادَةُ: أَمَامَهُمْ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ 10" [3] وَهِيَ بَيْنُ أَيْدِيهِمْ، وَهَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَهَذِهِ هِيَ الْعُجْمَةُ الَّتِي كَانَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ يَضِجُّ مِنْهَا، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. قُلْتُ: وَمَا اخْتَارَهُ هَذَا الْإِمَامُ قَدْ سَبَقَهُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ، قَالَ الْهَرَوِيُّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يَقُولُ الْقَائِلُ كَيْفَ قَالَ" مِنْ وَرَائِهِ" وَهِيَ أَمَامُهُ؟ فَزَعَمَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو عَلِيٍّ قُطْرُبٌ أَنَّ هَذَا مِنَ الْأَضْدَادِ، وَأَنَّ وَرَاءَ فِي مَعْنَى قُدَّامَ، وَهَذَا غَيْرُ مُحَصَّلٍ، لِأَنَّ أَمَامَ ضد وراء، وإنما يصلح هذا] في الأماكن [[4] والأوقات، كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ إِذَا وَعَدَ وَعْدًا فِي رَجَبٍ لِرَمَضَانَ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ وَرَائِكَ شَعْبَانُ لَجَازَ وَإِنْ كَانَ أَمَامَهُ، لِأَنَّهُ يَخْلُفُهُ إِلَى وَقْتِ وَعْدِهِ، وَأَشَارَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا الْقُشَيْرِيُّ وَقَالَ: إِنَّمَا يُقَالُ هَذَا فِي الْأَوْقَاتِ، وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ أَمَامَكَ إِنَّهُ وَرَاءَكَ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَجَوَّزَهُ غَيْرُهُ، وَالْقَوْمُ مَا كَانُوا عَالِمِينَ بِخَبَرِ الْمَلِكِ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَضِرَ حَتَّى عَيَّبَ السَّفِينَةَ، وَذَكَرَهُ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي اسْتِعْمَالِ وَرَاءَ مَوْضِعَ أَمَامَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا- يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا بِكُلِّ حَالٍ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ قَالَ الله تعالى:" مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ 10" [الجاثية: 10] أَيْ مِنْ أَمَامِهِمْ: وَقَالَ الشَّاعِرُ: «5»
أَتَرْجُو بَنُو مَرْوَانَ سَمْعِي وَطَاعَتِي ... وَقَوْمِي تَمِيمٌ وَالْفَلَاةُ وَرَائِيَا

[1] في ج وك وى: الحادث المقدم الوجود.
[2] الحديث في الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة.
[3] راجع ج 16 ص 159.
[4] من ج وك وى.
(5). هو سوار بن المضرب.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست