responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 332
دُونَ الْقُدْرَةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى ثَعْلَبٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ" هُوَ مِنَ التَّقْدِيرِ لَيْسَ مِنَ الْقُدْرَةِ، يُقَالُ مِنْهُ: قَدَرَ اللَّهُ لَكَ الْخَيْرَ يَقْدِرُهُ قَدْرًا، بِمَعْنَى قَدَرَ اللَّهُ لَكَ الْخَيْرَ. وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
فَلَيْسَتْ عَشِيَّاتُ اللِّوَى بِرَوَاجِعَ ... لَنَا أَبَدًا مَا أَوْرَقَ السَّلَمُ النَّضْرُ
وَلَا عَائِدٌ ذَاكَ الزَّمَانُ الَّذِي مَضَى ... تَبَارَكْتَ مَا تَقْدِرُ يَقَعْ وَلَكَ الشُّكْرُ
يَعْنِي مَا تَقْدِرُهُ وَتَقْضِي بِهِ يَقَعُ. وَعَلَى هَذَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ الْعُلَمَاءُ. وَقَرَأَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيُّ:" فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ" بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنَ التَّقْدِيرِ. وَحَكَى هَذِهِ الْقِرَاءَةَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَالْأَعْرَجُ:" أَنْ لَنْ يُقَدَّرَ عَلَيْهِ" بِضَمِّ الْيَاءِ مُشَدَّدًا عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ. وَقَرَأَ يَعْقُوبُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْحَسَنُ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا:" يُقْدَرُ عَلَيْهِ" بِيَاءٍ مَضْمُومَةٍ وَفَتْحِ الدَّالِ مُخَفَّفًا عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ. وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا:" فَظَنَّ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ". الْبَاقُونَ" نَقْدِرَ" بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَكُلُّهُ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ. قُلْتُ: وَهَذَانَ التَّأْوِيلَانِ تَأَوَّلَهُمَا الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ لِأَهْلِهِ إِذَا مَاتَ فَحَرَقُوهُ (فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ) الْحَدِيثَ فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ تَقْدِيرُهُ: وَاللَّهِ لَئِنْ ضَيَّقَ اللَّهُ عَلَيَّ وَبَالَغَ فِي محاسبتي وجزاني عَلَى ذُنُوبِي لَيَكُونَنَّ ذَلِكَ، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُحْرَقَ بِإِفْرَاطِ خَوْفِهِ. وَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي: أَيْ لَئِنْ كَانَ سَبَقَ فِي قَدَرِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ أَنْ يُعَذِّبَ كُلَّ ذِي جُرْمٍ عَلَى جُرْمِهِ لَيُعَذِّبَنِّي اللَّهُ عَلَى إِجْرَامِي وَذُنُوبِي عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ غَيْرِي. وَحَدِيثُهُ خَرَّجَهُ الْأَئِمَّةُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ. وَالرَّجُلُ كَانَ مُؤْمِنًا مُوَحِّدًا. وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ (لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا إِلَّا التَّوْحِيدَ) وَقَدْ قَالَ حِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ. وَالْخَشْيَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ مُصَدِّقٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ" [1] [فاطر: 28]. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى" فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ" الِاسْتِفْهَامُ وَتَقْدِيرُهُ: أَفَظَنَّ، فَحَذَفَ أَلِفَ الِاسْتِفْهَامِ إِيجَازًا، وَهُوَ قَوْلُ سُلَيْمَانَ [2] [أَبُو [الْمُعْتَمِرِ. وَحَكَى الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ: أَنَّ بَعْضَهُمْ قرأ:" أفظن" بالألف.

[1] راجع ج 14 ص
[2] في الأصل (سليمان بن المعتمر) وهو تحريف والتصويب من (تهذيب التهذيب).
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 332
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست