responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 309
وَحَكَمَ سُلَيْمَانُ بِوَحْيٍ نَسَخَ اللَّهُ بِهِ حُكْمَ دَاوُدَ، وَعَلَى هَذَا" فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ" أَيْ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ النَّاسِخِ لِمَا أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ، وَأَمَرَ سُلَيْمَانَ أَنْ يُبَلِّغَ ذَلِكَ دَاوُدَ، وَلِهَذَا قَالَ:" وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً". هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ من العلماء ومنهما ابْنُ فَوْرَكٍ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: إِنَّ حُكْمَهُمَا كَانَ بِاجْتِهَادٍ وَهِيَ: السَّادِسَةُ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ فَمَنَعَهُ قَوْمٌ، وَجَوَّزَهُ الْمُحَقِّقُونَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِحَالَةٌ عَقْلِيَّةٌ، لِأَنَّهُ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ فَلَا إِحَالَةَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، كما لو قال له الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّكِ كَذَا فَاقْطَعْ بِأَنَّ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّكَ هُوَ حُكْمِي فَبَلِّغْهُ الْأُمَّةَ، فَهَذَا غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ فِي الْعَقْلِ. فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا إِذَا عُدِمَ النَّصُّ وَهُمْ لَا يُعْدَمُونَهُ. قُلْنَا: إِذَا لَمْ يَنْزِلِ الْمَلَكُ فَقَدْ عُدِمَ النَّصُّ عِنْدَهُمْ، وَصَارُوا فِي الْبَحْثِ كَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ عَنْ مَعَانِي النُّصُوصِ الَّتِي عِنْدَهُمْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ عَنِ الْخَطَأِ، وَعَنِ الْغَلَطِ، وَعَنِ التَّقْصِيرِ فِي اجْتِهَادِهِمْ، وَغَيْرُهُمْ لَيْسَ كَذَلِكَ. كَمَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ فِي أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مَعْصُومُونَ عَنِ الْخَطَأِ وَالْغَلَطِ فِي اجْتِهَادِهِمْ. وَذَهَبَ أَبُو عَلِيِّ ابن أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصٌ مِنْهُمْ فِي جَوَازِ الْخَطَأِ عَلَيْهِمْ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ من يَسْتَدِرْكُ غَلَطَهُ، وَلِذَلِكَ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ، وَقَدْ بُعِثَ بَعْدَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ يَسْتَدِرْكُ غَلَطَهُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَّ نَبِيَّنَا وَغَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي تَجْوِيزِ الْخَطَأِ عَلَى سَوَاءٍ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَى إِمْضَائِهِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ اسْتِدْرَاكُ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ عَنِ الْعِدَّةِ فَقَالَ لَهَا: (اعْتَدِّي حَيْثُ شِئْتِ) ثُمَّ قَالَ لَهَا: (امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ). وقال له رجل: أرأيت لو قتلت صبرا محتسبا أيحجزني عن الجنة شي؟ فَقَالَ: (لَا) ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: (إِلَّا الدَّيْنَ كَذَا أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ). السَّابِعَةُ- قَالَ الحسن: لولا هذه الآية لرأيت أن الْقُضَاةَ هَلَكُوا، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَى سُلَيْمَانَ بِصَوَابِهِ، وَعَذَرَ دَاوُدَ بِاجْتِهَادِهِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْفُرُوعِ إِذَا

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست