responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 241
قَالَ الْحَسَنُ: جَعَلَ اللَّهُ عُقُوبَةَ السَّامِرِيِّ أَلَّا يُمَاسَّ النَّاسَ وَلَا يُمَاسُّوهُ عُقُوبَةً لَهُ وَلِمَنْ كَانَ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَدَّدَ عَلَيْهِ الْمِحْنَةَ، بِأَنْ جَعَلَهُ لَا يُمَاسُّ أَحَدًا وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَمَسَّهُ أَحَدٌ، وَجَعَلَ ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُ فِي الدُّنْيَا. وَيُقَالُ: ابْتُلِيَ بِالْوَسْوَاسِ وَأَصْلُ الْوَسْوَاسِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بَقَايَاهُمْ إِلَى الْيَوْمِ يَقُولُونَ ذَلِكَ- لَا مِسَاسَ- وَإِنْ مَسَّ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حُمَّ كِلَاهُمَا فِي الْوَقْتِ. وَيُقَالُ: إِنَّ مُوسَى هَمَّ بِقَتْلِ السَّامِرِيِّ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: لَا تَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ سَخِيٌّ. وَيُقَالُ لَمَّا قَالَ لَهُ مُوسَى:" فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ" خَافَ فَهَرَبَ فَجَعَلَ يَهِيمُ فِي الْبَرِيَّةِ مع السباع والوحش، لَا يَجِدُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَمَسُّهُ حَتَّى صَارَ كَالْقَائِلِ: لَا مِسَاسَ، لِبُعْدِهِ عَنِ النَّاسِ وَبُعْدِ النَّاسِ عَنْهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
حَمَّالُ رَايَاتٍ بِهَا قَنَاعِسَا ... حَتَّى تَقُولَ الْأَزْدُ لَا مسابسا «1»
مَسْأَلَةٌ: هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ فِي نَفْيِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي وَهُجْرَانِهِمْ وَأَلَّا يُخَالَطُوا، وَقَدْ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَالثَّلَاثَةِ [2] الَّذِينَ خُلِّفُوا. وَمَنِ التَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ وَعَلَيْهِ قَتْلٌ لَا يُقْتَلُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَلَكِنْ لَا يُعَامَلُ وَلَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى، وَهُوَ إِرْهَاقٌ إِلَى الْخُرُوجِ. وَمِنْ هذا القبيل التغريب في حد الزنى، وَقَدْ تَقَدَّمَ جَمِيعُ هَذَا كُلِّهِ فِي مَوْضِعِهِ، فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ. وَقَالَ هرون الْقَارِئُ: وَلُغَةُ الْعَرَبِ لَا مَسَاسِ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّحْوِيُّونَ فِيهِ، فَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ كَمَا يُقَالُ اضْرِبِ الرَّجُلَ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا مِسَاسَ نَفْيٌ وَكُسِرَتِ السِّينُ لِأَنَّ الْكَسْرَةَ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ، تَقُولُ: فَعَلْتِ يَا امْرَأَةُ [3]. قَالَ النَّحَّاسُ وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: إِذَا اعْتَلَّ الشَّيْءُ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ وَجَبَ أَنْ يُبْنَى، وَإِذَا اعْتَلَّ مِنْ جِهَتَيْنِ وَجَبَ أَلَّا يَنْصَرِفَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ تَرْكِ الصَّرْفِ إِلَّا الْبِنَاءُ، فَمِسَاسِ وَدِرَاكِ اعْتَلَّ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ: مِنْهَا أَنَّهُ مَعْدُولٌ، وَمِنْهَا أَنَّهُ مُؤَنَّثٌ، وَأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ، فَلَمَّا وَجَبَ الْبِنَاءُ فِيهِ وَكَانَتِ الْأَلِفُ قَبْلَ السِّينِ سَاكِنَةً كُسِرَتِ السِّينُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، كَمَا تَقُولُ: اضْرِبِ الرجل. ورأيت أبا إسحاق

(1). كذا في الأصول ولم نقف عليه.
[2] في ك: وصاحبيه.
[3] كذا في النحاس. والذي في الأصول: فعلت المرأة.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست