responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 192
قَوْلُهُ تَعَالَى: (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) لَمَّا آنَسَهُ بِالْعَصَا وَالْيَدِ، وَأَرَاهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَسُولٌ، أَمَرَهُ بِالذَّهَابِ إِلَى فِرْعَوْنَ، وأن يدعوه. و" طَغى 20: 24" مَعْنَاهُ عَصَى وَتَكَبَّرَ وَكَفَرَ وَتَجَبَّرَ وَجَاوَزَ الْحَدَّ. (قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي. وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي. وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي) 20: 30 - 25 طَلَبَ الْإِعَانَةَ لِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ. وَيُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ أَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ رَبَطَ عَلَى قَلْبِ فِرْعَوْنَ وَأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ، فَقَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ آتِيَهُ وَقَدْ رَبَطْتَ عَلَى قَلْبِهِ، فَأَتَاهُ مَلَكٌ مِنْ خُزَّانِ الرِّيحِ فَقَالَ: يَا مُوسَى انْطَلِقْ إِلَى مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ. فَقَالَ مُوسَى عِنْدَ ذَلِكَ:" رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي 20: 25" أَيْ وَسِّعْهُ وَنَوِّرْهُ بِالْإِيمَانِ وَالنُّبُوَّةِ. (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) 20: 26 أَيْ سَهِّلْ عَلَيَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ إِلَى فِرْعَوْنَ. (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) 20: 27 يَعْنِي الْعُجْمَةَ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ مِنْ جَمْرَةِ النَّارِ الَّتِي أَطْفَأَهَا فِي فِيهِ وَهُوَ طِفْلٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ فِي لِسَانِهِ رُتَّةٌ. وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي حِجْرِ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ طِفْلٌ فَلَطَمَهُ لَطْمَةً، وَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَنَتَفَهَا فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِآسِيَةَ: هَذَا عَدُوِّي فَهَاتِ الذَّبَّاحِينَ. فَقَالَتْ آسِيَةُ: عَلَى رِسْلِكَ فَإِنَّهُ صَبِيٌّ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ. ثُمَّ أَتَتْ بِطَسْتَيْنِ فَجَعَلَتْ فِي أَحَدِهِمَا جَمْرًا وَفِي الْآخَرِ جَوْهَرًا فَأَخَذَ جِبْرِيلُ بِيَدِ مُوسَى فَوَضَعَهَا عَلَى النَّارِ حَتَّى رَفَعَ جَمْرَةً وَوَضَعَهَا فِي فِيهِ عَلَى لِسَانِهِ، فَكَانَتْ تِلْكَ الرُّتَّةُ. وَرُوِيَ أَنَّ يَدَهُ احْتَرَقَتْ وَأَنَّ فِرْعَوْنَ اجْتَهَدَ فِي عِلَاجِهَا فَلَمْ تَبْرَأْ. وَلَمَّا دَعَاهُ قَالَ أَيَّ رَبٍّ تَدْعُونِي؟ قَالَ: إِلَى الَّذِي أَبْرَأَ يَدِي وَقَدْ عَجَزْتَ عَنْهَا. وَعَنْ بَعْضِهِمْ: إِنَّمَا لَمْ تَبْرَأْ يَدُهُ لِئَلَّا يُدْخِلَهَا مَعَ فِرْعَوْنَ فِي قَصْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَنْعَقِدَ بَيْنَهُمَا حُرْمَةُ الْمُؤَاكَلَةِ. ثُمَّ اخْتُلِفَ هَلْ زَالَتْ تِلْكَ الرُّتَّةُ، فَقِيلَ: زَالَتْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ" قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسى 20: 36" [طه: 36] وَقِيلَ: لَمْ تَزُلْ كُلُّهَا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ حِكَايَةً عن فرعون:" وَلا يَكادُ يُبِينُ" [1] [الزخرف: 52]. وَلِأَنَّهُ لَمْ يَقُلِ: احْلُلْ كُلَّ لِسَانِي، فَدَلَّ على أنه بقي في لسانه شي مِنَ الِاسْتِمْسَاكِ. وَقِيلَ: زَالَتْ بِالْكُلِّيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ" أُوتِيتَ سُؤْلَكَ 20: 36" [طه: 36] وإنما قال فرعون:" وَلا يَكادُ يُبِينُ" [الزخرف: 52] لِأَنَّهُ عَرَفَ مِنْهُ تِلْكَ الْعُقْدَةَ فِي التَّرْبِيَةِ، وما ثبت عنده أن الآفة زالت.

[1] راجع ج 16 ص 99.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست