responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 132
قوله تعالى: (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ) أَقْسَمَ بِنَفْسِهِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِأَنَّهُ يَحْشُرُهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ إِلَى الْمَعَادِ كَمَا يَحْشُرُ الْمُؤْمِنِينَ. (وَالشَّياطِينَ) أَيْ وَلَنَحْشُرَنَّ الشَّيَاطِينَ قُرَنَاءَ لَهُمْ. قِيلَ: يُحْشَرُ كُلُّ كَافِرٍ مَعَ شَيْطَانٍ فِي سِلْسِلَةٍ كَمَا قَالَ:" احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ" [1] [الصافات: 22] الزَّمَخْشَرِيُّ وَالْوَاوُ فِي" وَالشَّياطِينَ" يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْعَطْفِ وَبِمَعْنَى مَعَ وَهِيَ بِمَعْنَى مَعَ أَوْقَعُ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ مَعَ قُرَنَائِهِمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ الذي أَغْوَوْهُمْ، يَقْرِنُونَ [2] كُلَّ كَافِرٍ مَعَ شَيْطَانٍ فِي سِلْسِلَةٍ. فَإِنْ قُلْتَ هَذَا إِذَا أُرِيدَ بِالْإِنْسَانِ الْكَفَرَةُ خَاصَّةً فَإِنْ أُرِيدَ الْأَنَاسِيُّ عَلَى الْعُمُومِ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ حَشْرُهُمْ مَعَ الشَّيَاطِينِ؟ قُلْتُ إِذَا حُشِرَ جَمِيعُ النَّاسِ حَشْرًا وَاحِدًا وَفِيهِمُ الْكَفَرَةُ مَقْرُونِينَ بِالشَّيَاطِينِ فَقَدْ حُشِرُوا مَعَ الشَّيَاطِينِ كَمَا حُشِرُوا مَعَ الْكَفَرَةِ. فَإِنْ قُلْتَ: هَلَّا عُزِلَ السُّعَدَاءُ عَنِ الْأَشْقِيَاءِ فِي الْحَشْرِ كَمَا عُزِلُوا عَنْهُمْ فِي الْجَزَاءِ؟ قُلْتُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمْ فِي الْمَحْشَرِ وَأُحْضِرُوا حَيْثُ تَجَاثَوْا حَوْلَ جَهَنَّمَ وَأُورِدُوا مَعَهُمُ النَّارَ لِيُشَاهِدَ السُّعَدَاءُ الْأَحْوَالَ الَّتِي نَجَّاهُمُ اللَّهُ مِنْهَا وَخَلَّصَهُمْ، فَيَزْدَادُوا لِذَلِكَ غِبْطَةً وَسُرُورًا إِلَى سُرُورٍ وَيَشْمَتُوا بِأَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَعْدَائِهِمْ فَتَزْدَادُ مَسَاءَتُهُمْ وَحَسْرَتُهُمْ [3] وَمَا يَغِيظُهُمْ مِنْ سَعَادَةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَشَمَاتَتِهِمْ بِهِمْ فَإِنْ قُلْتَ مَا مَعْنَى إِحْضَارِهِمْ جِثِيًّا؟ قُلْتُ أَمَّا إِذَا فُسِّرَ الْإِنْسَانُ بِالْخُصُوصِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُعْتَلُونَ مِنَ الْمَحْشَرِ إِلَى شَاطِئِ جَهَنَّمَ عَتْلًا [4] عَلَى حَالِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْمَوْقِفِ جُثَاةً عَلَى رُكَبِهِمْ غَيْرَ مُشَاةٍ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْمَوْقِفِ وُصِفُوا بِالْجُثُوِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى" وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً" [5] [كل [6]] عَلَى الْحَالَةِ الْمَعْهُودَةِ فِي مَوَاقِفَ الْمُقَاوَلَاتُ وَالْمُنَاقَلَاتِ مِنْ تَجَاثِي أَهْلِهَا عَلَى الرُّكَبِ. لِمَا فِي ذلك من الاستيفاز والقلق [7] وإطلاق الجثا خِلَافُ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ لِمَا [8] يَدْهَمُهُمْ مِنْ شِدَّةِ الْأَمْرِ الَّتِي لَا يُطِيقُونَ مَعَهَا الْقِيَامَ عَلَى أَرْجُلِهِمْ فَيَجْثُونَ عَلَى رُكَبِهِمْ جُثُوًّا. وَإِنْ فُسِّرَ بِالْعُمُومِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَتَجَاثَوْنَ عِنْدَ مُوَافَاةِ شَاطِئِ جَهَنَّمَ. عَلَى أَنَّ" جِثِيًّا" حَالٌ مُقَدَّرَةٌ كَمَا كَانُوا فِي الْمَوْقِفِ مُتَجَاثِينَ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ التَّوَاقُفِ لِلْحِسَابِ، قَبْلَ التَّوَاصُلِ إِلَى الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَيُقَالُ: إِنَّ مَعْنَى (لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا)

[1] راجع ج 15 ص 72 فما بعد. [ ..... ]
[2] كذا في اوفي ب وج وز وط وك. يقرن. وفي ى: يحشر.
[3] في ز: حزنهم.
[4] العتل: الدفع والإرهاق بالسوق العنيف. قعد مستوفز أي غير مطمئن. ((
[5] راجع ج 16 ص 174.
[6] من ج وط وك.
[7] الاستيفاز: عدم الاطمئنان قال الجوهري:
[8] في ج: ولما يدهمهم.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 11  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست