responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر نویسنده : الطبري، ابن جرير    جلد : 1  صفحه : 346
إِذَا هُنَّ نَازَلْنَ أَقَرَانَهُنَّ ... وَكَانَ الْمِصَاعُ بِمَا فِي الْجُوَنْ [1]
يقال منه: ماصَعه مصاعًا. وكأن مجاهدًا إنما قال:"مَصْعُ ملك"، إذْ كان السحاب لا يماصع الملك، وإنما الرعد هو المماصع له، فجعله مصدرًا من مَصَعه يَمْصَعه مَصِْعًا.
وقد ذكرنا ما في معنى"الصاعقة" - ما قال شَهر بن حَوشب فيما مضى.
وأما تأويل الآية، فإن أهل التأويل مُختلفون فيه:
فرُوي عن ابن عباس في ذلك أقوال: أحدها: ما-
451- حدثنا به محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:"أو كصيِّب من السماء فيه ظلمات ورَعدٌ وبرقٌ يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حَذَرَ الموت": أي هم من ظُلمات ما هم فيه من الكفر والحذَر من القتل - على الذي هم عليه من الخلاف والتخويف منكم - على مثل ما وصف، من الذي هو في ظلمة الصيب، فجعل أصابعه في أذنيه من الصواعق حَذَرَ الموت، يكاد البرق يخطفُ أبصارهم -أي لشدة ضوء الحق- كلما أضاءَ لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا، أي يعرفون الحق ويتكلمون به، فهم من قولهم به على استقامة، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا متحيرين [2] .
والآخر: ما-
452- حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،"أو كصيِّب من السماء فيه ظُلماتٌ ورَعدٌ وبرق" إلى"إنّ الله عَلى كل شيء قدير"، أما الصيب فالمطر [3] . كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين، فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله، فيه رعدٌ شديد وصواعقُ وبرقٌ، فجعلا كلَّما أضاء لهما الصواعقُ جعلا أصابعَهما في آذانهما، من الفَرَق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما. وإذا لمع البرق مَشيا في ضوئه [4] ، وإذا لم يلمع لم يبصِرا وقاما مكانهما لا يمشيان [5] ، فجعلا يقولان: ليتنا قد أصبحنا فنأتيَ محمدًا فنضعَ أيدينا في يده. فأصبحا، فأتياه فأسلما، ووضعا أيديهما في يده، وحَسُن إسلامهما. فضرب الله شأن هذين المنافقيْن الخارجيْن مثلا للمنافقين الذين بالمدينة. وكان المنافقون إذا حضروا مجلسَ النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا أصابعهم في آذانهم، فَرَقًا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، أن يَنزِل فيهم شيء أو يُذكَروا بشيء فيقتَلوا، كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما، وإذا أضاء لهم مشوا فيه. فإذا كثرت أموالهم، ووُلد لهم الغلمان [6] ، وأصابوا غنيمةً أو فتحًا، مشوْا فيه، وقالوا: إن دين محمد صلى الله عليه وسلم دينُ صدق. فاستقاموا عليه، كما كان ذانك المنافقان يمشيان، إذا أضاء لهم البرق مشوا فيه، وإذا أظلم عليهم قاموا [7] . فكانوا إذا هلكت أموالهم، ووُلد لهم الجواري، وأصابهم البلاء [8] ، قالوا: هذا من أجل دين محمد. فارتدوا كفارًا، كما قام ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما [9] .
والثالث: ما-
453- حدثني به محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس:"أو كصيِّب من السماء"، كمطر،"فيه ظلمات ورعدٌ وبرقٌ" إلى آخر الآية، هو مَثل المنافق في ضوء ما تكلّم بما معه من كتاب الله وعمل، مُراءَاةً للناس، فإذا خلا وحده عَمل بغيره. فهو في ظلمة ما أقام على ذلك. وأما الظلماتُ فالضلالةُ، وأما البرقُ فالإيمان، وهم أهل الكتاب.

[1] ديوانه: 15، وزعم الطبري كما ترى أنه أراد جواري يلعبن بحليهن ويجالدن بها. وقد أخطأ المعنى. وإنما أراد الأعشى ما هو أبلغ. وذلك أن الأقران جمع قرن: وهو الذي يقارنك في القوة والشجاعة، وأراد به الرجال، وينازلن: أراد ما يكون منهن من المداعبة والممارسة إرادة الغلبة على عقول الرجال وعزائمهم. والجون، جمع جونة: وهي سلة صغيرة مستديرة مغشاة بالأدم يكون فيها الطيب. ويقال أيضًا: "جؤنة وجؤن" بالهمز. وذكر الأعشى المعركة القديمة الدائرة بين الرجال والنساء، يتخذن الزينة والطيب سلاحًا، فيتصدين للرجال ابتغاء الظفر والغلبة، والفتنة التي تصرع الألباب والعزائم، فيقع الرجال أسرى في أيديهن.
[2] الخبر 451- ذكره السيوطي في الدر المنثور بتمامه 1: 32 - 33، ونسبه أيضًا لابن إسحاق، وابن أبي حاتم. وفيه وفي المخطوطة"من الخلاف والتخويف منكم" ونقل ابن كثير بعضه 1: 100.
[3] في المطبوعة: "وأما الصيب والمطر"، وهو خطأ.
[4] في الأصول: "مشوا"، وصححناه من الدر المنثور والشوكاني.
[5] في الأصول: "قاما مكانهما" بغير واو، وفي إحدى النسخ المخطوطة: "فقاما مكانهما"، واتفقت سائر الأصول وما نقل في الدر المنثور والشوكاني على حذف الفاء، والجملة لا تستقيم، فجعلناها"وقاما"، وهو صواب العبارة.
[6] في الدر المنثور: "وولدهم، وأصابوا. . "، وفي الشوكاني: "وأولادهم وأصابوا. . "
[7] في المخطوطة: "إذا أضاء لهما مشيا، وإذا أظلم عليهما قاما". وفي الدر المنثور: "يمشيان إذا أضاء بهما البرق، وإذا أظلم عليهم قاموا"، وفي الشوكاني: "يمشيان إذا أضاء لهم البرق، وإذا أظلم عليهم قاموا"، وأجودهن ما في المخطوطة، وما في المطبوعة.
[8] في الدر المنثور والشوكاني: "إذا هلكت أموالهم وأولادهم وأصابهم البلاء".
[9] الحديث 452- نقل في الدر المنثور 1: 32، والشوكاني 1: 36 - 37، وسيأتي في ص 354 قول الطبري عن هذا الحديث وعن إسناده: "ولست أعلمه صحيحًا، إذ كنت بإسناده مرتابًا. " وانظر ما كتبه أخي السيد أحمد محمد شاكر في هذا الإسناد فيما مضى في الخبر رقم: 168.
ويقول أحمد محمد شاكر عفا الله عنه: وحق لأبي جعفر رحمه الله أن يرتاب في إسناده. فإن هذا الإسناد فيه تساهل كثير، من جهة جمع مفرق التفاسير عن الصحابة في سياق واحد، تجمعه هذه الأسانيد، كما بينا آنفًا. فإذا كان الأمر في تفسير معنى آية، كان سهلا ميسورًا قبوله، إذ يكون رأيًا أو آراء لبعض الصحابة في معنى الآية، وما في ذلك بأس. أما إذا ارتفع الخبر إلى درجة الحديث، بالإخبار عن واقعة معينة أو وقائع، كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أسباب لنزول بعض الآيات، أو نحو ذلك، مما يلحق بالحديث المرفوع لفظًا أو حكمًا -كان قبول هذا الإسناد- إسناد تفسير السدي- محل نظر وارتياب. إذ هو رواية غير معروف مصدرها معرفة محددة: أي هؤلاء الذي قال هذا؟ وأيهم الذي عبر عنه باللفظ الذي جاء به؟ نعم، إن ظاهره أنه عن الصحابة: إما ابن عباس، وإما ابن مسعود، وإما"ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" - فقد يقول قائل: إن مرجع الرواية فيه إلى الصحابة، وسواء أعرف الصحابي الراوي أم أبهم اسمه، فإن ذلك لا يخرجه عن رواية الصحابة، وجهالة الصحابي لا تضر؟ ولكن سياق هذه الروايات المطولة المفصلة، في التفسير وفي الحوادث المتعلقة بأسباب النزول، مثل الرواية التي هنا في هذا الموضع، مع إعراض أئمة الحديث، الذين خرجوا الروايات الصحيحة، والروايات المقبولة مما هو دون الصحيح - عن إخراج هذه الرواية ونحوها، وإعراض مؤرخي السيرة عن روايتها أيضًا، كل أولئك يوجب الريبة في اتصال مثل هذه الرواية، وفي الجزم بنسبتها إلى الصحابة. إذ لعلها مما أدرج في الرواية أثناء الحديث بها. والاحتياط في نسبة الحديث المرفوع وما في حكمه واجب.
نام کتاب : تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر نویسنده : الطبري، ابن جرير    جلد : 1  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست