responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري    جلد : 1  صفحه : 398
قد تهيأ لشرب الخمر بإعداد آلاته، وأن لا يغلب على ظنه أنه إن أنكر لحقته مضرة عظيمة. فإن قلت: كيف يباشر الإنكار؟ قلت: يبتدئ بالسهل، فإن لم ينفع ترقى إلى الصعب، لأنّ الغرض كف المنكر. قال اللَّه تعالى: فأصلحوا بينهما، ثم قال: فقاتلوا، فإن قلت: فمن يباشره؟ قلت:
كل مسلم تمكن منه واختص بشرائطه، وقد أجمعوا أن من رأى غيره تاركا للصلاة وجب عليه الإنكار، لأنه معلوم قبحه لكل أحد. وأما الإنكار الذي بالقتال، فالإمام وخلفاؤه أولى لأنهم أعلم بالسياسة ومعهم عدتها. فإن قلت: فمن يُؤمر ويُنهى؟ قلت: كل مكلف، وغير المكلف إذا همَّ بضرر غيره مُنع، كالصبيان والمجانين، وينهى الصبيان عن المحرمات حتى لا يتعوّدوها، كما يؤخذون بالصلاة ليمرنوا عليها. فإن قلت: هل يجب على مرتكب المنكر أن ينهى عما يرتكبه قلت: نعم يجب عليه، لأن ترك ارتكابه وإنكاره واجبان عليه فبتركه أحد الواجبين لا يسقط عنه الواجب الآخر. وعن السلف: مروا بالخير وإن لم تفعلوا. وعن الحسن أنه سمع مطرف بن عبد اللَّه يقول: لا أقول ما لا أفعل، فقال: وأينا يفعل ما يقول؟ ودّ الشيطان لو ظفر بهذه منكم فلا يأمر أحد بمعروف ولا ينهى عن منكر. فإن قلت. كيف قيل (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) ؟ قلت: الدعاء إلى الخير [1] عامّ في التكاليف من الأفعال والتروك والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر خاص، فجيء بالعام ثم عطف عليه الخاص إيذانا بفضله، كقوله: (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) .

[سورة آل عمران (3) : الآيات 105 الى 107]
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (107)

[1] (عاد كلامه) قال: «وقوله يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر صدر الكلام بالدعاء ... الخ» قال أحمد: عطف الخاص على العام يؤذن بمزيد اعتناء بالخاص لا محالة إذا اقتصر على بعض متناولات العام، كقوله: (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) وكقوله: (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) وكقوله: (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) وشبه ذلك، لأن الاقتصار على تخصيص ما يفرد بالذكر يفيده تمييزاً عن غيره من بقية المتناولات. وأما هذه الآية، فقد ذكر بعد العام فيها جميع ما يتناوله، إذ الخير المدعو إليه إما فعل مأمور أو ترك منهى، لا يعدو واحدا من هذين، حتى يكون تخصيصها يميزها عن بقية المتناولات، فالأولى في ذلك أن يقال: فائدة هذا التخصيص ذكر الدعاء إلى الخير عاما، ثم مفصلا. وفي تنبيه أن الذكر على وجهين ما لا يخفى من العناية واللَّه أعلم، إلا أن يثبت عرف يخص الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ببعض أنواع الخير، فإذ ذاك يتم مراد الزمخشري، وما أرى هذا العرف ثابتا، واللَّه أعلم.
نام کتاب : الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري    جلد : 1  صفحه : 398
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست