responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 529
يَأْتِيانِها مِنْكُمْ
يَكُونُ أَيْضًا فِي الزِّنَا، فَيُفْضِي إِلَى تَكْرَارِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِي الْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّهُ قَبِيحٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَاهُ لَا يُفْضِي إِلَى ذَلِكَ فَكَانَ أَوْلَى. الرَّابِعُ: أَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الزِّنَا فَسَّرُوا قَوْلَهُ: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا بِالرَّجْمِ وَالْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَكُونُ عَلَيْهِنَّ لَا لَهُنَّ. قَالَ تَعَالَى: لَها مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ [الْبَقَرَةِ: 286] وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّا نُفَسِّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يُسَهِّلَ اللَّهُ لَهَا قَضَاءَ الشَّهْوَةِ بِطَرِيقِ النِّكَاحِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ وَإِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَهُمَا زَانِيَتَانِ»
وَاحْتَجُّوا عَلَى إِبْطَالِ كَلَامِ أَبِي مُسْلِمٍ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا قَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ فَكَانَ بَاطِلًا، وَالثَّانِي: أَنَّهُ
رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الثَّيِّبُ تُرْجَمُ وَالْبِكْرُ تُجْلَدُ»
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَازِلَةٌ فِي حَقِّ الزُّنَاةِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي أَحْكَامِ اللِّوَاطِ، وَلَمْ يَتَمَسَّكْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَعَدَمُ تَمَسُّكِهِمْ بِهَا مَعَ شِدَّةِ احْتِيَاجِهِمْ إِلَى نَصٍّ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ مِنْ أَقْوَى الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْسَتْ فِي اللِّوَاطَةِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ هَذَا إِجْمَاعٌ مَمْنُوعٌ فَلَقَدْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مُجَاهِدٌ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَلِأَنَّا بَيَّنَّا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ اسْتِنْبَاطَ تَأْوِيلٍ جَدِيدٍ فِي الْآيَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُتَقَدِّمُونَ جَائِزٌ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي نَسْخَ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ مَطْلُوبَ الصَّحَابَةِ أنه هل يقام الحد على الوطي؟ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّفْيِ وَلَا بِالْإِثْبَاتِ، فَلِهَذَا لَمْ يَرْجِعُوا إِلَيْهَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: زَعَمَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ، وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: إِنَّهَا غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، أَمَّا الْمُفَسِّرُونَ: فَقَدْ بَنَوْا هَذَا عَلَى أَصْلِهِمْ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الزِّنَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَمْ يَبْقَ وَكَانَتِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا أَيْضًا عَلَى قَوْلَيْنِ: فَالْأَوَّلُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ صَارَتْ مَنْسُوخَةً بِالْحَدِيثِ وَهُوَ مَا
رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْبِكْرُ تُجْلَدُ وَتُنْفَى وَالثَّيِّبُ تُجْلَدَ وَتُرْجَمُ»
ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صَارَ مَنْسُوخًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ [النُّورِ: 2] وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ يَثْبُتُ أَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ يُنْسَخُ بِالسُّنَّةِ وَأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تُنْسَخُ بِالْقُرْآنِ خِلَافَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: لَا يُنْسَخُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ صَارَتْ مَنْسُوخَةً بِآيَةِ الْجَلْدِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ لِشِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى الطَّعْنِ فِي الشَّافِعِيِّ قَالَ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ آيَةَ الْجَلْدِ لَوْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً عَلَى
قَوْلِهِ: «خُذُوا عَنِّي»
لَمَا كَانَ
لِقَوْلِهِ: «خُذُوا عَنِّي»
فَائِدَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ
قَوْلُهُ: «خُذُوا عَنِّي»
مُتَقَدِّمًا عَلَى آيَةِ الْجَلْدِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَكُونُ آيَةُ الْحَبْسِ مَنْسُوخَةً بِالْحَدِيثِ وَيَكُونُ الْحَدِيثُ مَنْسُوخًا بِآيَةِ الْجَلْدِ، فَحِينَئِذٍ ثَبَتَ أَنَّ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ قَدْ يُنْسَخُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الرَّازِيِّ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ فَقَالَ:
لَمْ يَحْصُلِ النَّسْخُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْبَتَّةَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِمْسَاكَهُنَّ فِي الْبُيُوتِ مَمْدُودٌ إِلَى غَايَةِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا وَذَلِكَ السَّبِيلُ كَانَ مُجْمَلًا، فَلَمَّا
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا عَنِّي الثَّيِّبُ تُرْجَمُ وَالْبِكْرُ تُجْلَدُ وَتُنْفَى»
صَارَ هَذَا الْحَدِيثُ بَيَانًا لِتِلْكَ الْآيَةِ لَا نَاسِخًا لَهَا وَصَارَ أَيْضًا مُخَصِّصًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 529
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست