responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 526
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى كُلِّ مَا ذكره من أول السورة الى هاهنا مِنْ بَيَانِ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَأَحْكَامِ الْأَنْكِحَةِ وَأَحْوَالِ الْمَوَارِيثِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَصَمِّ، حُجَّةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ إِلَى أَقْرَبِ الْمَذْكُورَاتِ، وَحُجَّةُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ عَوْدَهُ إِلَى الْأَقْرَبِ إِذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ عَوْدِهِ إِلَى الْأَبْعَدِ مَانِعٌ يُوجِبُ عَوْدَهُ إِلَى الْكُلِّ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِحُدُودِ اللَّهِ الْمُقَدَّرَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا وَبَيَّنَهَا، وَحَدُّ الشَّيْءِ طَرَفُهُ الَّذِي يَمْتَازُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ حُدُودُ الدَّارِ، وَالْقَوْلُ الدَّالُّ عَلَى حَقِيقَةِ الشَّيْءِ يُسَمَّى حَدًّا لَهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنَ الدُّخُولِ فِيهِ، وَغَيْرُهُ هُوَ كُلُّ مَا سِوَاهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ أَطَاعَ أَوْ عَصَى فِي هَذِهِ التَّكَالِيفِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: بَلْ هُوَ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ هَذَا وَغَيْرُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ فَوَجَبَ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْكُلَّ. أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا الْعَامَّ إِنَّمَا ذُكِرَ عَقِيبَ تَكَالِيفَ خَاصَّةٍ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْعُمُومِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَالِدَ قَدْ يُقْبِلُ عَلَى وَلَدِهِ وَيُوَبِّخُهُ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ، ثُمَّ يَقُولُ: احْذَرْ مُخَالَفَتِي وَمَعْصِيَتِي وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ مَنْعَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي جَمِيعِ الأمور، فكذا هاهنا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ: نُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ ... نُدْخِلْهُ نَارًا بِالنُّونِ فِي الْحَرْفَيْنِ، وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَعَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ ثم قال: سَنُلْقِي [آل عمران: 150- 151] بِالنُّونِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: هاهنا سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ إِنَّمَا يَلِيقُ بِالْوَاحِدِ ثُمَّ قَوْلُهُ بَعْدَ/ ذَلِكَ خالِدِينَ فِيها إِنَّمَا يَلِيقُ بِالْجَمْعِ فَكَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا؟
الْجَوَابُ: أَنَّ كَلِمَةَ (مَنْ) فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ مُفْرَدٌ فِي اللَّفْظِ جَمْعٌ فِي الْمَعْنَى فَلِهَذَا صَحَّ الْوَجْهَانِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: انْتَصَبَ «خَالِدِينَ» «وَخَالِدًا» عَلَى الْحَالِ مِنَ الْهَاءِ فِي «نُدْخِلْهُ» وَالتَّقْدِيرُ: نُدْخِلْهُ خَالِدًا فِي النَّارِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فُسَّاقَ أَهْلِ الصَّلَاةِ يَبْقَوْنَ مُخَلَّدِينَ فِي النَّارِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلِهِ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِمَنْ تَعَدَّى فِي الْحُدُودِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا وَهِيَ حُدُودُ الْمَوَارِيثِ، أَوْ يَدْخُلُ فِيهَا ذَلِكَ وَغَيْرُهُ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَلْزَمُ دُخُولُ مَنْ تَعَدَّى فِي الْمَوَارِيثِ فِي هَذَا الْوَعِيدِ، وَذَلِكَ عَامٌّ فِيمَنْ تَعَدَّى وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ أَوْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ، فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى الْقَطْعِ بِالْوَعِيدِ، وَعَلَى أَنَّ الْوَعِيدَ مُخَلِّدٌ، وَلَا يُقَالُ: هَذَا الْوَعِيدُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا فِي حَقِّ الْكَافِرِ. فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي تَعَدَّى جَمِيعَ حُدُودِ اللَّهِ، فَإِنَّا نَقُولُ: هَذَا مَدْفُوعٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّا لَوْ حَمَلْنَا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى تَعَدِّي جَمِيعِ حُدُودِ اللَّهِ خَرَجَتِ الْآيَةُ عن الفائدة لأن الله تعالى ينهى عَنِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ، فَتَعَدِّي جَمِيعِ حُدُودِهِ هُوَ أَنْ يَتْرُكَ جَمِيعَ هَذِهِ النَّوَاهِي، وَتَرْكُهَا إِنَّمَا يَكُونُ بِأَنْ يَأْتِيَ الْيَهُودِيَّةَ وَالْمَجُوسِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ مَعًا وَذَلِكَ مُحَالٌ، فَثَبَتَ أَنَّ تَعَدِّيَ جَمِيعِ حُدُودِ اللَّهِ مُحَالٌ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ ذَلِكَ لَخَرَجَتِ الْآيَةُ عَنْ كَوْنِهَا مُفِيدَةً، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَيُّ حَدٍّ كَانَ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ. الثَّانِي: هُوَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَذْكُورَةٌ عَقِيبَ آيَاتِ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ تَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ فِي الْأُمُورِ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 526
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست