responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 365
ونُسارِعُ [المؤمنون: 56] وذلك جائز لمكان الراء المكسورة، ويمنع كما المفتوحة الإمالة، كذلك المكسورة يُمِيلُهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالُوا فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ وَالْمَعْنَى: وَسَارِعُوا إِلَى مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةً مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْمَغْفِرَةِ لَيْسَ إِلَّا فِعْلَ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكَ الْمَنْهِيَّاتِ، فَكَانَ هَذَا أَمْرًا بِالْمُسَارَعَةِ إِلَى فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكِ الْمَنْهِيَّاتِ، وَتَمَسَّكَ كَثِيرٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي أَنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ يُوجِبُ الْفَوْرَ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّرَاخِي وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، وَلِلْمُفَسِّرِينَ فِيهِ كَلِمَاتٌ: إِحْدَاهَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْإِسْلَامُ/ أَقُولُ وَجْهُهُ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَغْفِرَةَ عَلَى سَبِيلِ التَّنْكِيرِ، والمراد منه المغفرة العظيمة المتناهية في العظيم وَذَلِكَ هُوَ الْمَغْفِرَةُ الْحَاصِلَةُ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ.
الثَّانِي:
رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ،
وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ فَيَجِبُ أَنْ يَعُمَّ الْكُلَّ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ الْإِخْلَاصُ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ الْإِخْلَاصُ، كَمَا قَالَ: وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [الْبَيِّنَةِ: 5] الرَّابِعُ: قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: هُوَ الْهِجْرَةُ. وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ الْجِهَادُ وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: لِأَنَّ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ [آلِ عِمْرَانَ: 121] إِلَى تَمَامِ سِتِّينَ آيَةً نَزَلَ فِي يَوْمِ أُحُدٍ فَكَانَ كُلُّ هَذِهِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي مُخْتَصَّةً بِمَا يَتَعَلَّقُ بِبَابِ الْجِهَادِ. السَّادِسُ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِنَّهَا التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى. وَالسَّابِعُ: قَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ. وَالثَّامِنُ: قَالَ عِكْرِمَةُ: إِنَّهَا جَمِيعُ الطَّاعَاتِ. لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ فَيَتَنَاوَلُ الْكُلَّ. وَالتَّاسِعُ: قَالَ الْأَصَمُّ: سَارِعُوا، أَيْ بَادِرُوا إِلَى التَّوْبَةِ مِنَ الرِّبَا وَالذُّنُوبِ، وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّهُ تَعَالَى نَهَى أَوَّلًا عَنِ الرِّبَا، ثُمَّ قَالَ:
وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْمُسَارَعَةُ فِي تَرْكِ مَا تَقَدَّمَ النَّهْيُ عَنْهُ، وَالْأَوْلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ حَمْلِهِ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَالتَّوْبَةِ عَنْ جَمِيعِ الْمَحْظُورَاتِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ فَلَا وَجْهَ فِي تَخْصِيصِهِ، ثُمَّ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ كَمَا تَجِبُ الْمُسَارَعَةُ إِلَى الْمَغْفِرَةِ فَكَذَلِكَ تَجِبُ الْمُسَارَعَةُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا فُصِلَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْغُفْرَانَ مَعْنَاهُ إِزَالَةُ الْعُقَابِ، وَالْجَنَّةُ مَعْنَاهَا إيصال الثواب، فجميع بَيْنَهُمَا لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمُكَلَّفِ مِنْ تَحْصِيلِ الْأَمْرَيْنِ، فَأَمَّا وَصْفُ الْجَنَّةِ بِأَنَّ عَرْضَهَا السموات فَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ لِأَنَّ نَفْسَ السموات لا تكون عرضا للجنة، فالمراد كعرض السموات وَالْأَرْضِ وَهَاهُنَا سُؤَالَاتٌ.
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: مَا مَعْنَى أن عرضها مثل عرض السموات وَالْأَرْضِ وَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ لَوْ جعلت السموات وَالْأَرَضُونَ طَبَقًا طَبَقًا بِحَيْثُ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ تِلْكَ الطَّبَقَاتِ سَطْحًا مُؤَلَّفًا مِنْ أَجْزَاءٍ لَا تَتَجَزَّأُ، ثُمَّ وُصِلَ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ طَبَقًا وَاحِدًا لَكَانَ ذَلِكَ مِثْلَ عَرْضِ الْجَنَّةِ، وَهَذَا غَايَةٌ فِي السَّعَةِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ. وَالثَّانِي:
أَنَّ الْجَنَّةَ الَّتِي يَكُونُ عَرْضُهَا مِثْلَ عرض السموات وَالْأَرْضِ إِنَّمَا تَكُونُ لِلرَّجُلِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَرْغَبُ فِيمَا يَصِيرُ مُلْكًا، فَلَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ الْجَنَّةُ الْمَمْلُوكَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَارُهَا هَذَا. الثَّالِثُ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخر وهو أن الجنة لو عرضت بالسموات وَالْأَرْضِ عَلَى سَبِيلِ الْبَيْعِ لَكَانَتَا ثَمَنًا لِلْجَنَّةِ، تَقُولُ إِذَا بِعْتَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ الْآخَرِ عَرَضْتُهُ عَلَيْهِ وَعَارَضْتُهُ بِهِ، فَصَارَ الْعَرْضُ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فِي الْقَدْرِ، وَكَذَا أَيْضًا مَعْنَى الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ مُقَاوَمَةِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ حَتَّى يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا/ مِثْلًا لِلْآخَرِ. الرَّابِعُ: الْمَقْصُودُ الْمُبَالَغَةُ فِي وَصْفِ سَعَةِ الْجَنَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عِنْدَنَا أَعْرَضُ مِنْهُمَا وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ [هُودٍ: 107] فَإِنَّ أَطْوَلَ الْأَشْيَاءِ بَقَاءً عندنا هو السموات وَالْأَرْضُ، فَخُوطِبْنَا عَلَى وَفْقِ مَا عَرَفْنَاهُ، فَكَذَا هَاهُنَا.
السُّؤَالُ الثَّانِي: لِمَ خُصَّ الْعَرْضُ بِالذِّكْرِ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 365
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست