responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 328
الْآيَاتُ مَخْصُوصَةٌ بِالْيَهُودِ، وَأَسْبَابُ النُّزُولِ عَلَى ذَلِكَ فَزَالَ هَذَا الْإِشْكَالُ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: هَلَّا جُزِمَ قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ.
قُلْنَا: عَدَلَ بِهِ عَنْ حُكْمِ الْجَزَاءِ إِلَى حُكْمِ الْإِخْبَارِ ابْتِدَاءً كَأَنَّهُ قِيلَ أُخْبِرُكُمْ أَنَّهُمْ لَا يُنْصَرُونَ، وَالْفَائِدَةُ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ جُزِمَ لَكَانَ نَفْيُ النَّصْرِ مُقَيَّدًا بِمُقَاتَلَتِهِمْ كَتَوْلِيَةِ الْأَدْبَارِ، وَحِينَ رُفِعَ كَانَ نَفْيُ النَّصْرِ وَعْدًا مُطْلَقًا كَأَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ شَأْنُهُمْ وَقِصَّتُهُمُ الَّتِي أُخْبِرُكُمْ عَنْهَا وَأُبَشِّرُكُمْ بِهَا بَعْدَ التَّوْلِيَةِ أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ النُّصْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ قَطُّ بَلْ يَبْقَوْنَ فِي الذِّلَّةِ وَالْمَهَانَةِ أَبَدًا دَائِمًا.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: مَا الَّذِي عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ؟.
الْجَوَابُ: هُوَ جُمْلَةُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: أُخْبِرُكُمْ أَنَّهُمْ إِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يَنْهَزِمُوا، ثُمَّ أُخْبِرُكُمْ أَنَّهُمْ لَا يُنْصَرُونَ وَإِنَّمَا ذُكِرَ لَفْظُ (ثُمَّ) لِإِفَادَةِ مَعْنَى التَّرَاخِي فِي الْمَرْتَبَةِ، لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِتَسْلِيطِ الْخِذْلَانِ عليهم أعظم من الاخبار بتوليتهم الأدبار.

[سورة آل عمران (3) : آية 112]
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (112)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ] وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُمْ إِنْ قَاتَلُوا رَجَعُوا مَخْذُولِينَ غَيْرَ مَنْصُورِينَ ذَكَرَ أَنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ قَدْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَالْمَعْنَى جُعِلَتِ الذلة ملصقة ربهم كَالشَّيْءِ يُضْرَبُ عَلَى الشَّيْءِ فَيَلْصِقُ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا هَذَا عَلَيَّ بِضَرْبَةِ لَازِبٍ، وَمِنْهُ تَسْمِيَةُ الْخَرَاجِ ضَرِيبَةً.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الذِّلَّةُ هِيَ الذُّلُّ، وَفِي الْمُرَادِ بِهَذَا الذُّلِّ أَقْوَالٌ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْأَقْوَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُحَارَبُوا وَيُقْتَلُوا وَتُغْنَمَ أَمْوَالُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيهِمْ وَتُمْلَكَ أَرَاضِيهِمْ فَهُوَ كقوله تعالى: اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ [الْبَقَرَةِ: 191] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَالْمُرَادُ إِلَّا بِعَهْدٍ مِنَ اللَّهِ وَعِصْمَةٍ وَذِمَامٍ مِنَ اللَّهِ وَمِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ تَزُولُ الْأَحْكَامُ، فَلَا قَتْلَ وَلَا غَنِيمَةَ وَلَا سَبْيَ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الذِّلَّةَ هِيَ الْجِزْيَةُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ضَرْبَ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ يُوجِبُ الذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الذِّلَّةِ أَنَّكَ لَا تَرَى فِيهِمْ مَلِكًا قَاهِرًا وَلَا رَئِيسًا مُعْتَبَرًا، بَلْ هُمْ مُسْتَخَفُّونَ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ ذَلِيلُونَ مَهِينُونَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ مِنَ الذِّلَّةِ هِيَ الْجِزْيَةُ فَقَطْ أَوْ هَذِهِ الْمَهَانَةُ فقط لأن قول إِلَّا/ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ يَقْتَضِي زَوَالَ تِلْكَ الذِّلَّةِ عِنْدَ حُصُولِ هَذَا الْحَبْلِ وَالْجِزْيَةُ وَالصَّغَارُ وَالدَّنَاءَةُ لَا يَزُولُ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ حُصُولِ هَذَا الْحَبْلِ، فَامْتَنَعَ حَمْلُ الذِّلَّةِ عَلَى الْجِزْيَةِ فَقَطْ، وَبَعْضُ مَنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ، أَجَابَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِأَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، فَقَالَ: الْيَهُودُ قَدْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ، سَوَاءٌ كَانُوا عَلَى عَهْدٍ مِنَ اللَّهِ أَوْ لَمْ يَكُونُوا فَلَا يَخْرُجُونَ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الذِّلَّةِ إِلَى الْعِزَّةِ، فَقَوْلُهُ إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ تَقْدِيرُهُ لَكِنْ قَدْ يَعْتَصِمُونَ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ حَمْلَ لَفْظِ (إِلَّا) عَلَى (لَكِنْ) خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَأَيْضًا إِذَا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 328
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست