responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 325
الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ (أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ) فِي لفظ بِالْمَعْرُوفِ وَلَفْظِ الْمُنْكَرِ يُفِيدَانِ الِاسْتِغْرَاقَ، وَهَذَا يَقْتَضِي كَوْنَهُمْ آمِرِينَ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ، وَنَاهِينَ عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ وَمَتَى كَانُوا كَذَلِكَ كَانَ إِجْمَاعُهُمْ حَقًّا وَصِدْقًا لَا مَحَالَةَ فَكَانَ حُجَّةً، وَالْمَبَاحِثُ الْكَثِيرَةُ فِيهِ ذَكَرْنَاهَا فِي الْأُصُولِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: قَوْلُهُ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ظَاهِرُ الْخِطَابِ فِيهِ مَعَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ الْأُمَّةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ [الْبَقَرَةِ: 183] كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ [الْبَقَرَةِ: 178] فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ خِطَابٌ مَعَ الْحَاضِرِينَ بِحَسَبِ اللَّفْظِ، وَلَكِنَّهُ عَامٌّ فِي حَقِّ الْكُلِّ كَذَا هَاهُنَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَصْلُ الْأُمَّةِ الطَّائِفَةُ الْمُجْتَمِعَةُ عَلَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَأُمَّةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمُ الْجَمَاعَةُ الْمَوْصُوفُونَ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَالْإِقْرَارِ بِنُبُوَّتِهِ، وَقَدْ يُقَالُ لِكُلِّ مَنْ جَمَعَتْهُمْ دَعْوَتُهُ أَنَّهُمْ أُمَّتُهُ إِلَّا أَنَّ لَفْظَ الْأُمَّةِ إِذَا أُطْلِقَتْ وَحْدَهَا وَقَعَ عَلَى الْأَوَّلِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا قِيلَ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى كَذَا فُهِمَ مِنْهُ الْأَوَّلُ
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ»
وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «أُمَّتِي أُمَّتِي»
فَلَفْظُ الْأُمَّةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَأَشْبَاهِهَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْمُقِرُّونَ بِنُبُوَّتِهِ، فَأَمَّا أَهْلُ دَعْوَتِهِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ لَهُمْ: إِنَّهُمْ أُمَّةُ الدَّعْوَةِ وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ إِلَّا لَفْظُ الْأُمَّةِ بِهَذَا الشَّرْطِ.
أَمَّا قَوْلُهُ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ فَفِيهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَعْنَى كُنْتُمْ خَيْرَ الْأُمَمِ الْمُخْرَجَةِ لِلنَّاسِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ، فَقَوْلُهُ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ أَيْ أُظْهِرَتْ لِلنَّاسِ حَتَّى تَمَيَّزَتْ وَعُرِفَتْ وَفُصِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَالثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ لِلنَّاسِ مِنْ تَمَامِ قَوْلِهِ كُنْتُمْ وَالتَّقْدِيرُ: كُنْتُمْ لِلنَّاسِ خَيْرَ أُمَّةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أُخْرِجَتْ صِلَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ لِلنَّاسِ.
ثُمَّ قَالَ: تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ بَيَانُ عِلَّةِ تِلْكَ الْخَيْرِيَّةِ، كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ كَرِيمٌ يُطْعِمُ النَّاسَ وَيَكْسُوهُمْ وَيَقُومُ بِمَا يُصْلِحُهُمْ، وَتَحْقِيقُ الْكَلَامِ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ ذِكْرَ الْحُكْمِ مَقْرُونًا بِالْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ لَهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ الْحُكْمِ مُعَلَّلًا بِذَلِكَ الْوَصْفِ، فههنا حَكَمَ تَعَالَى بِثُبُوتِ وَصْفِ الْخَيْرِيَّةِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَقِيبَهُ هَذَا الْحُكْمَ وَهَذِهِ الطَّاعَاتِ، أَعْنِي الْأَمْرَ/ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْإِيمَانَ، فَوَجَبَ كَوْنُ تِلْكَ الْخَيْرِيَّةِ مُعَلَّلَةً بِهَذِهِ الْعِبَادَاتِ.
وَهَاهُنَا سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: مِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَقْتَضِي الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ كَوْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَيْرَ الْأُمَمِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثَةَ كَانَتْ حَاصِلَةً فِي سَائِرِ الْأُمَمِ؟.
وَالْجَوَابُ: قَالَ الْقَفَّالُ: تَفْضِيلُهُمْ عَلَى الْأُمَمِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُمْ إِنَّمَا حَصَلَ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ بِآكَدِ الْوُجُوهِ وَهُوَ الْقِتَالُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ قَدْ يَكُونُ بِالْقَلْبِ وَبِاللِّسَانِ وَبِالْيَدِ، وَأَقْوَاهَا مَا يَكُونُ بِالْقِتَالِ، لِأَنَّهُ إِلْقَاءُ النَّفْسِ فِي خَطَرِ الْقَتْلِ وَأَعْرَفُ الْمَعْرُوفَاتِ الدِّينُ الْحَقُّ وَالْإِيمَانُ بِالتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ، وَأَنْكَرُ الْمُنْكَرَاتِ: الْكُفْرُ بِاللَّهِ، فَكَانَ الْجِهَادُ فِي الدِّينِ مَحْمَلًا لِأَعْظَمِ الْمَضَارِّ لِغَرَضِ إِيصَالِ الْغَيْرِ إِلَى أَعْظَمِ الْمَنَافِعِ، وَتَخْلِيصِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَضَارِّ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْجِهَادُ أَعْظَمَ الْعِبَادَاتِ، وَلَمَّا كَانَ أَمْرُ الْجِهَادِ فِي شَرْعِنَا أَقْوَى مِنْهُ في
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست