responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 274
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَضُمَّ إِلَيْهَا مُقَدِّمَةً أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ جَاءَ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ، وَعِنْدَ هَذَا لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا إِثْبَاتٌ لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، لِأَنَّهُ إِثْبَاتٌ لِكَوْنِهِ رَسُولًا بِكَوْنِهِ رَسُولًا.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كَوْنِهِ رَسُولًا ظُهُورُ الْمُعْجِزِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ هَذَا السُّؤَالُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَلْنَرْجِعْ إِلَى تَفْسِيرِ الْأَلْفَاظِ:
أَمَّا قَوْلُهُ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ فَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: مَعْنَاهُ وَاذْكُرُوا يَا أَهْلَ الْكِتَابِ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَاذْكُرْ يَا محمد في القرآن إذ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ.
أَمَّا قَوْلُهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ فَاعْلَمْ أَنَّ الْمَصْدَرَ يَجُوزُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْفَاعِلِ وَإِلَى الْمَفْعُولِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمِيثَاقُ مَأْخُوذًا مِنْهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا لَهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَلِهَذَا السَّبَبِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ.
أَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْهُمْ فِي أَنْ يُصَدِّقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَطَاوُسٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ،
وَقِيلَ: إِنَّ الْمِيثَاقَ هَذَا مُخْتَصٌّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ،
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ يُشْعِرُ بِأَنَّ آخِذَ الْمِيثَاقِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْمَأْخُوذَ مِنْهُمْ هُمُ النَّبِيُّونَ، فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ الْأُمَّةِ، فَلَمْ يَحْسُنْ صَرْفُ الْمِيثَاقِ إِلَى الْأُمَّةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عنه من وجوه الأول: أن على الوجوه الَّذِي قُلْتُمْ يَكُونُ الْمِيثَاقُ مُضَافًا إِلَى الْمُوثَقِ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا يَكُونُ إِضَافَتُهُ إِلَيْهِمْ إِضَافَةَ الْفِعْلِ إِلَى الْفَاعِلِ، وَهُوَ الْمُوثَقُ لَهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ إِضَافَةَ الْفِعْلِ إِلَى الْفَاعِلِ أَقْوَى مِنْ إِضَافَتِهِ إِلَى الْمَفْعُولِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا أَقَلَّ مِنَ الْمُسَاوَاةِ، وَهُوَ كَمَا يُقَالُ مِيثَاقُ اللَّهِ وَعَهْدُهُ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ الَّذِي وَثَّقَهُ اللَّهُ للأنبياء على أممهم الثاني: أن يراد ميثاق أولاد النبيّين، وهو بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَهُوَ كَمَا يُقَالُ: فَعَلَ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ كَذَا، وَفَعَلَ مَعَدُّ بْنُ عَدْنَانَ كَذَا، وَالْمُرَادُ أَوْلَادُهُمْ وَقَوْمُهُمْ، فَكَذَا هَاهُنَا الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّينَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَأُطْلِقَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَيْهِمْ تَهَكُّمًا بِهِمْ عَلَى زَعْمِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ نَحْنُ أَوْلَى بِالنُّبُوَّةِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِأَنَّا أَهْلُ الْكِتَابِ وَمِنَّا كَانَ النَّبِيُّونَ الرَّابِعُ: أَنَّهُ كَثِيرًا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ لَفْظُ النَّبِيِّ وَالْمُرَادُ مِنْهُ أُمَّتُهُ قَالَ تَعَالَى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ [الطَّلَاقِ: 1] .
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: لِأَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ: مَا
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: «لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ حَيًّا لَمَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي» .
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: مَا
نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا بَعَثَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَّا أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ،
فَهَذَا يُمْكِنُ نُصْرَةُ هَذَا الْقَوْلِ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانُوا يَأْخُذُونَ/ الْمِيثَاقَ مِنْ أُمَمِهِمْ بِأَنَّهُ إِذَا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَأَنْ يَنْصُرُوهُ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لَهُ وَقَدِ احْتَجُّوا عَلَى صِحَّتِهِ بِوُجُوهٍ الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ فَقَالَ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست