responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 263
بِكِلْتَا الْعِبَارَتَيْنِ، وَقِيلَ إِنَّ مَعْنَى قَوْلِكَ أَمِنْتُكَ بِدِينَارٍ أَيْ وَثِقْتُ بِكَ فِيهِ، وَقَوْلُكَ أَمِنْتُكَ عَلَيْهِ، أَيْ جَعَلْتُكَ أَمِينًا عَلَيْهِ وَحَافِظًا لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْمُرَادُ مِنْ ذِكْرِ الْقِنْطَارِ وَالدِّينَارِ هَاهُنَا الْعَدَدُ الْكَثِيرُ وَالْعَدَدُ الْقَلِيلُ، يَعْنِي أَنَّ فِيهِمْ مَنْ هُوَ فِي غَايَةِ الْأَمَانَةِ حَتَّى لَوِ اؤْتُمِنَ عَلَى الْأَمْوَالِ الْكَثِيرَةِ أَدَّى الْأَمَانَةَ فِيهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي غَايَةِ الْخِيَانَةِ حَتَّى لَوِ اؤْتُمِنَ عَلَى الشَّيْءِ الْقَلِيلِ، فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ فِيهِ الْخِيَانَةَ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً [النِّسَاءِ: 20] وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ، / فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى ذِكْرِ مِقْدَارِ الْقِنْطَارِ وَذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا الْأَوَّلُ: أَنَّ الْقِنْطَارَ أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ قَالُوا: لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ حِينَ اسْتَوْدَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَلْفًا وَمِائَتَيْ أُوقِيَّةٍ مِنَ الذَّهَبِ فَرَدَّهُ وَلَمْ يَخُنْ فِيهِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْقِنْطَارِ هُوَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ الثَّانِي: رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مِلْءُ جِلْدِ ثَوْرٍ مِنَ الْمَالِ الثَّالِثُ: قِيلَ الْقِنْطَارُ هُوَ أَلْفُ أَلْفِ دِينَارٍ أَوْ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ الْقِنْطَارِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَرَأَ حَمْزَةُ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ يُؤَدِّهْ بِسُكُونِ الْهَاءِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا غَلَطٌ مِنَ الرَّاوِي عَنْ أَبِي عَمْرٍو كَمَا غَلِطَ فِي بارِئِكُمْ بِإِسْكَانِ الْهَمْزَةِ وَإِنَّمَا كَانَ أَبُو عَمْرٍو يَخْتَلِسُ الْحَرَكَةَ، وَاحْتَجَّ الزَّجَّاجُ عَلَى فَسَادِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ بِأَنْ قَالَ: الْجَزَاءُ لَيْسَ فِي الْهَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا قَبْلَ الْهَاءِ وَالْهَاءُ اسْمُ الْمُكَنَّى وَالْأَسْمَاءُ لَا تُجْزَمُ فِي الْوَصْلِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْزِمُ الْهَاءَ إِذَا تَحَرَّكَ مَا قَبْلَهَا.
فَيَقُولُ: ضَرَبْتُهْ ضَرْبًا شَدِيدًا كَمَا يُسَكِّنُونَ (مِيمَ) أَنْتُمْ وَقُمْتُمْ وَأَصْلُهَا الرَّفْعُ، وَأَنْشَدَ:
لَمَّا رَأَى أَنْ لَا دَعَهْ وَلَا شِبَعُ
وَقُرِئَ أَيْضًا بِاخْتِلَاسِ حَرَكَةِ الْهَاءِ اكْتِفَاءً بِالْكَسْرَةِ مِنَ الْيَاءِ، وَقُرِئَ بِإِشْبَاعِ الْكَسْرَةِ فِي الْهَاءِ وَهُوَ الْأَصْلُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي لَفْظِ (الْقَائِمِ) وَجْهَانِ: مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، قَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي إِلَّا مَا دُمْتَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ بِالِاجْتِمَاعِ مَعَهُ وَالْمُلَازَمَةِ لَهُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ مُعْتَرِفًا بِمَا دَفَعْتَ إِلَيْهِ مَا دُمْتَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ، فَإِنْ أَنْظَرْتَ وَأَخَّرْتَ أَنْكَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ لَفْظَ (الْقَائِمِ) عَلَى مَجَازِهِ ثُمَّ ذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْقِيَامِ الْإِلْحَاحُ وَالْخُصُومَةُ وَالتَّقَاضِي وَالْمُطَالَبَةُ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَصْلُهُ أَنَّ الْمُطَالِبَ لِلشَّيْءِ يَقُومُ فِيهِ وَالتَّارِكَ لَهُ يَقْعُدُ عنه، دليل قوله تعالى: أُمَّةٌ قائِمَةٌ [آل عمران: 113] أَيْ عَامِلَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ غَيْرُ تَارِكَةٍ، ثُمَّ قِيلَ: لِكُلِّ مَنْ وَاظَبَ عَلَى مُطَالَبَةِ أَمْرٍ أَنَّهُ قَامَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ قِيَامٌ الثَّانِي: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: الْقِيَامُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ، وَذَكَرْنَا ذَلِكَ في قوله تعالى: يُقِيمُونَ الصَّلاةَ [البقرة: 3] ومنه قوله دِيناً قِيَماً [الأنعام: 161] أَيْ دَائِمًا ثَابِتًا لَا يُنْسَخُ فَمَعْنَى قَوْلِهِ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً أَيْ دَائِمًا ثَابِتًا فِي مُطَالَبَتِكَ إِيَّاهُ بِذَلِكَ الْمَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ وبِدِينارٍ الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَأْتَمِنُ غَيْرَهُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَعَلَى الْمُبَايَعَةِ وَعَلَى الْمُقَارَضَةِ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْيِينِ وَالْمَنْقُولُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْمُبَايَعَةِ، فَقَالَ مِنْهُمْ مَنْ تُبَايِعُهُ بِثَمَنِ الْقِنْطَارِ فَيُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ تُبَايِعُهُ بِثَمَنِ الدِّينَارِ فَلَا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 263
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست