responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 230
يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ يَغْلَطُونَ كَثِيرًا، فَأَمَّا الْإِخْبَارُ عَنِ الْغَيْبِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعَانَةٍ بِآلَةٍ، وَلَا تَقَدُّمِ مَسْأَلَةٍ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْوَحْيِ مِنَ اللَّهِ تعالى.
ثُمَّ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَتَمَ كَلَامَهُ بِقَوْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَالْمَعْنَى إِنَّ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ لَمُعْجِزَةً قَاهِرَةً قَوِيَّةً دَالَّةً عَلَى صِدْقِ الْمُدَّعِي لِكُلِّ مَنْ آمَنَ بِدَلَائِلَ الْمُعْجِزَةِ فِي الْحَمْلِ عَلَى الصدق، بلى مَنْ أَنْكَرَ دَلَالَةَ أَصْلِ الْمُعْجِزِ عَلَى صِدْقِ الْمُدَّعِي، وَهُمُ الْبَرَاهِمَةُ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِيهِ ظُهُورُ هَذِهِ الْآيَاتِ، أَمَّا مَنْ آمَنَ بِدَلَالَةِ الْمُعْجِزِ عَلَى الصِّدْقِ لَا يَبْقَى لَهُ فِي هَذِهِ المعجزات كلام ألبتة.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 50 الى 51]
وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (51)
اعْلَمْ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا بَيَّنَ بِهَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ كَوْنَهُ رَسُولًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ بِمَاذَا أُرْسِلَ وَهُوَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ.
وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَدْ ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ [آل عمران: 49] أَنَّ تَقْدِيرَهُ وَأَبْعَثُهُ رَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ فَقَوْلُهُ وَمُصَدِّقاً مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ: / وَأَبْعَثُهُ رَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ، وَإِنِّي بُعِثْتُ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَإِنَّمَا حَسُنَ حَذْفُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، لِأَنَّ الطَّرِيقَ إِلَى ثُبُوتِ نُبُوَّتِهِمْ هُوَ الْمُعْجِزَةُ، فَكُلُّ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمُعْجِزُ، وَجَبَ الِاعْتِرَافُ بِنُبُوَّتِهِ، فَلِهَذَا قُلْنَا: بِأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا لِمُوسَى بِالتَّوْرَاةِ، وَلَعَلَّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَغْرَاضِ فِي بَعْثَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَيْهِمْ تَقْرِيرُ التَّوْرَاةِ وَإِزَالَةُ شُبُهَاتِ الْمُنْكِرِينَ وَتَحْرِيفَاتِ الْجَاهِلِينَ.
وَأَمَّا الْمَقْصُودُ الثَّانِي: مِنْ بَعْثَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلُهُ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ.
وَفِيهِ سُؤَالٌ: وَهُوَ أَنَّهُ يُقَالُ: هَذِهِ الْآيَةُ الْأَخِيرَةُ مُنَاقِضَةٌ لِمَا قَبْلَهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الْأَخِيرَةَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ جَاءَ لِيُحِلَّ بَعْضَ الَّذِي كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ فِي التَّوْرَاةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ بِخِلَافِ حُكْمِ التَّوْرَاةِ، وَهَذَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ.
وَالْجَوَابُ: إِنَّهُ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ بِالتَّوْرَاةِ لَا مَعْنَى لَهُ إِلَّا اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهَا فَهُوَ حَقٌّ وَصَوَابٌ، وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الثَّانِي مَذْكُورًا فِي التَّوْرَاةِ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ عِيسَى بِتَحْلِيلِ مَا كَانَ مُحَرَّمًا فِيهَا، مُنَاقِضًا لِكَوْنِهِ مُصَدِّقًا بِالتَّوْرَاةِ، وَأَيْضًا إِذَا كَانَتِ الْبِشَارَةُ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَوْجُودَةً فِي التَّوْرَاةِ لَمْ يَكُنْ مَجِيءُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَشَرْعِهِ مُنَاقِضًا لِلتَّوْرَاةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا غَيَّرَ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ، قَالَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست