responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 220
ضد جرية الماء فغلبهم، هذا قَوْلُ الرَّبِيعِ وَالثَّالِثُ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: مَعْنَى يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ مِمَّا كَانَتِ الْأُمَمُ تَفْعَلُهُ مِنَ الْمُسَاهَمَةِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَيَطْرَحُونَ مِنْهَا مَا يَكْتُبُونَ عَلَيْهَا أَسْمَاءَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ السَّهْمُ سُلِّمَ لَهُ الْأَمْرُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَساهَمَ/ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
[الصَّافَّاتِ: 141] وَهُوَ شَبِيهٌ بِأَمْرِ الْقِدَاحِ الَّتِي تَتَقَاسَمُ بِهَا الْعَرَبُ لَحْمَ الْجَزُورِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ هَذِهِ السِّهَامُ أَقْلَامًا لِأَنَّهَا تُقَلَّمُ وَتُبْرَى، وَكُلُّ مَا قَطَعْتَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَقَدْ قَلَّمْتَهُ، وَلِهَذَا السَّبَبِ يُسَمَّى مَا يُكْتَبُ بِهِ قَلَمًا.
قَالَ الْقَاضِي: وُقُوعُ لَفْظِ الْقَلَمِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا نَظَرًا إِلَى أَصْلِ الِاشْتِقَاقِ، إِلَّا أَنَّ الْعُرْفَ أَوْجَبَ اخْتِصَاصَ الْقَلَمِ بِهَذَا الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ، فَوَجَبَ حَمْلُ لَفْظِ الْقَلَمِ عَلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ فِي شَيْءٍ عَلَى وَجْهٍ يَظْهَرُ بِهِ امْتِيَازُ بَعْضِهِمْ عَنِ الْبَعْضِ فِي اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ، وَإِمَّا لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ الْإِلْقَاءِ، إِلَّا أَنَّهُ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُلْقُونَهَا فِي الْمَاءِ بِشَرْطِ أَنَّ مَنْ جَرَى قَلَمُهُ عَلَى خِلَافِ جَرْيِ الْمَاءِ فَالْيَدُ لَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ حَصَلَ هَذَا الْمَعْنَى لِزَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَا جَرَمَ صَارَ هُوَ أَوْلَى بِكَفَالَتِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي السَّبَبِ الَّذِي لِأَجْلِهِ رَغِبُوا فِي كَفَالَتِهَا حَتَّى أَدَّتْهُمْ تِلْكَ الرَّغْبَةُ إِلَى الْمُنَازَعَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ عِمْرَانَ أَبَاهَا كَانَ رَئِيسًا لَهُمْ وَمُقَدَّمًا عَلَيْهِمْ، فَلِأَجْلِ حَقِّ أَبِيهَا رَغِبُوا فِي كَفَالَتِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ أُمَّهَا حَرَّرَتْهَا لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِخِدْمَةِ بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ حَرَصُوا عَلَى التَّكَفُّلِ بِهَا، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ لِأَنَّ فِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ كَانَ بَيَانُ أَمْرِهَا وَأَمْرِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَاصِلًا فَتَقَرَّبُوا لِهَذَا السَّبَبِ حَتَّى اخْتَصَمُوا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ أُولَئِكَ الْمُخْتَصِمِينَ مَنْ كَانُوا؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كَانُوا هُمْ خَدَمَةَ الْبَيْتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلِ الْعُلَمَاءُ وَالْأَحْبَارُ وَكُتَّابُ الْوَحْيِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُمْ كَانُوا مِنَ الْخَوَاصِّ وَأَهْلِ الْفَضْلِ فِي الدِّينِ وَالرَّغْبَةِ فِي الطَّرِيقِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ فَفِيهِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ: يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ لِيَنْظُرُوا أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَإِنَّمَا حَسُنَ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا.
أَمَّا قَوْلُهُ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ فَالْمَعْنَى وَمَا كُنْتَ هُنَاكَ إِذْ يَتَقَارَعُونَ عَلَى التَّكَفُّلِ بِهَا وَإِذْ يَخْتَصِمُونَ بِسَبَبِهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الِاخْتِصَامِ مَا كَانَ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اخْتِصَامًا آخَرَ حَصَلَ بَعْدَ الْإِقْرَاعِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ شِدَّةُ رَغْبَتِهِمْ فِي التَّكَفُّلِ بِشَأْنِهَا، وَالْقِيَامِ بِإِصْلَاحِ مُهِمَّاتِهَا، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِدُعَاءِ أُمِّهَا حَيْثُ قَالَتْ فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [آلِ عِمْرَانَ: 35] وَقَالَتْ إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ [آلِ عمران: 36] .

[سورة آل عمران (3) : الآيات 45 الى 46]
إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا شَرَحَ حَالَ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، فِي أَوَّلِ أَمْرِهَا وَفِي آخِرِ أَمْرِهَا وَشَرَحَ كَيْفِيَّةَ وِلَادَتِهَا لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست