responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 185
الجزء الثامن
[تتمة سورة آل عمران]
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم

[سورة آل عمران (3) : الآيات 26 الى 27]
قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (27)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ، وَصِحَّةِ دِينِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ قَالَ لِرَسُولِهِ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ [آل عمران: 20] ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ صِفَاتِ الْمُخَالِفِينَ كُفْرَهُمْ بِاللَّهِ، وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَذَكَرَ شِدَّةَ عِنَادِهِمْ وَتَمَرُّدِهِمْ فِي قَوْلِهِ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ [آل عمران: 23] ثُمَّ ذَكَرَ شِدَّةَ غُرُورِهِمْ بِقَوْلِهِ لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ [آلِ عمران: 24] ثُمَّ ذَكَرَ وَعِيدَهُمْ بِقَوْلِهِ فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ [آل عمران: 25] أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدُعَاءٍ وَتَمْجِيدٍ يَدُلُّ عَلَى مُبَايَنَةِ طَرِيقِهِ وَطَرِيقِ أَتْبَاعِهِ، لِطَرِيقَةِ هَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ الْمُعَانِدِينَ الْمُعْرِضِينَ، فَقَالَ مُعَلِّمًا نَبِيَّهُ كَيْفَ يُمَجِّدُ وَيُعَظِّمُ وَيَدْعُو وَيَطْلُبُ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ فِي قَوْلِهِ اللَّهُمَّ فَقَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ اللَّهُمَّ مَعْنَاهُ: يَا أَللَّهُ، وَالْمِيمُ الْمُشَدَّدَةُ عِوَضٌ مِنْ: يَا، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: كَانَ أَصْلُهَا، يَا أَللَّهُ أُمَّ بِخَيْرٍ: فَلَمَّا كَثُرَ فِي الْكَلَامِ حَذَفُوا حَرْفَ النِّدَاءِ، وَحَذَفُوا الهمرة مِنْ: أُمَّ، فَصَارَ اللَّهُمَّ وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: هَلُمَّ، وَالْأَصْلُ: هَلْ، فَضُمَّ: أُمَّ إِلَيْهَا، حُجَّةُ الْأَوَّلِينَ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ الْفَرَّاءِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: لَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ لَمَا صَحَّ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُمَّ افْعَلْ كَذَا إِلَّا بِحَرْفِ الْعَطْفِ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: / يَا أَللَّهُ أُمَّنَا وَاغْفِرْ لَنَا، وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا يَذْكُرُ هَذَا الْحَرْفَ الْعَاطِفَ وَالثَّانِي: وَهُوَ حُجَّةُ الزَّجَّاجِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ، لَجَازَ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِهِ عَلَى أَصْلِهِ، فَيُقَالُ (اللَّهُ أُمَّ) كَمَا يُقَالُ (وَيْلَمَّ) ثُمَّ يُتَكَلَّمُ بِهِ عَلَى الْأَصْلِ فَيُقَالُ (وَيْلَ أُمِّهِ) الثَّالِثُ: لَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ لَكَانَ حَرْفُ النِّدَاءِ مَحْذُوفًا، فَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَا اللَّهُمَّ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا جَائِزًا عَلِمْنَا فَسَادَ قَوْلِ الْفَرَّاءِ بَلْ نَقُولُ: كَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَرْفُ النِّدَاءِ لَازِمًا، كَمَا يُقَالُ: يَا اللَّهُ اغْفِرْ لِي، وَأَجَابَ الْفَرَّاءُ عَنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ، فَقَالَ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَضَعِيفٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ (يَا أَللَّهُ أُمَّ) مَعْنَاهُ: يَا أَللَّهُ اقْصِدْ، فَلَوْ قَالَ: وَاغْفِرْ لَكَانَ الْمَعْطُوفُ مُغَايِرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ السُّؤَالُ سُؤَالَيْنِ أحدهما: قوله فَآمَنَّا والثاني: قوله فَاغْفِرْ لَنا [الْبَقَرَةِ: 286] أَمَّا إِذَا حَذَفْنَا الْعَطْفَ صَارَ قَوْلُهُ: اغْفِرْ لَنَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ: أُمَّنَا. فَكَانَ الْمَطْلُوبُ فِي الْحَالَيْنِ شَيْئًا وَاحِدًا فَكَانَ ذَلِكَ آكَدَ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَضَعِيفٌ أَيْضًا، لِأَنَّ أَصْلَهُ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: يَا أَللَّهُ أُمَّنَا. وَمَنِ الَّذِي يُنْكِرُ جَوَازَ التَّكَلُّمِ بِذَلِكَ، وَأَيْضًا فَلِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَلْفَاظِ لَا يَجُوزُ فِيهَا إِقَامَةُ الْفَرْعِ مَقَامَ الْأَصْلِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَذْهَبَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ: مَا أَكْرَمَهُ، مَعْنَاهُ أَيُّ شَيْءٍ أَكْرَمَهُ ثُمَّ إِنَّهُ قَطُّ لَا يُسْتَعْمَلُ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 185
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست