responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 33
بِمَنْ لَا يَرَى أَثَرَ التَّغَيُّرِ فِي نَفْسِهِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ كَانَ نَائِمًا فِي بَعْضِ يَوْمٍ، أَمَّا مَنْ شَاهَدَ أَجْزَاءَ بَدَنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَعِظَامَ بَدَنَةٍ رَمِيمَةٍ نَخِرَةٍ، فَلَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ القول وثانيها: أنه تعالى حكي عنه أن خَاطَبَهُ وَأَجَابَ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُجِيبُ هُوَ الَّذِي أَمَاتَهُ اللَّهُ، فَإِذَا كَانَتِ الْإِمَاتَةُ رَاجِعَةً إِلَى كُلِّهِ، فَالْمُجِيبُ أَيْضًا الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةَ الشَّخْصِ وَثَالِثُهَا: أَنَّ قَوْلِهِ فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْجُمْلَةَ أَحْيَاهَا وَبَعَثَهَا.
أَمَّا قَوْلُهُ كَيْفَ نُنْشِرُهَا فَالْمُرَادُ يُحْيِيهَا، يُقَالُ: أَنْشَرَ اللَّهُ الْمَيِّتَ وَنَشَرَهُ، قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ الْعِظَامَ بِالْإِحْيَاءِ فِي قَوْلِهِ تعالى: قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا [يس: 78، 79] وَقُرِئَ نَنْشُرُهَا بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الشِّينِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: كَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى النَّشْرِ بَعْدَ الطَّيِّ، وَذَلِكَ أَنَّ بِالْحَيَاةِ يَكُونُ الِانْبِسَاطُ فِي التَّصَرُّفِ، فَهُوَ كَأَنَّهُ مَطْوِيٌّ مَا دَامَ مَيِّتًا، فَإِذَا عَادَ صَارَ كَأَنَّهُ نُشِرَ بَعْدَ الطَّيِّ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ نُنْشِزُها بِالزَّايِ الْمَنْقُوطَةِ مِنْ فَوْقُ، وَالْمَعْنَى نَرْفَعُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، وَإِنْشَازُ الشَّيْءِ رَفْعُهُ، يُقَالُ أَنَشَزْتُهُ فَنَشَزَ، أَيْ رَفَعْتُهُ فَارْتَفَعَ، وَيُقَالُ لِمَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ نَشَزَ، وَمِنْهُ نُشُوزُ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ أَنْ تَرْتَفِعَ عَنْ حَدِّ رِضَا الزَّوْجِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: كَيْفَ نرفعها من الأرض فتردها إِلَى أَمَاكِنِهَا مِنَ الْجَسَدِ وَنُرَكِّبَ بَعْضَهَا عَلَى الْبَعْضِ، وَرُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ نُنْشِزُها بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الشِّينِ وَالزَّايِ وَوَجْهُهُ مَا قَالَ الْأَخْفَشُ أَنَّهُ يُقَالُ: نَشَزْتُهُ وَأَنْشَزْتُهُ أَيْ رَفَعْتُهُ، وَالْمَعْنَى مِنْ جَمِيعِ الْقِرَاءَاتِ أَنَّهُ تَعَالَى رَكَّبَ الْعِظَامَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ حَتَّى اتَّصَلَتْ عَلَى نِظَامٍ، ثُمَّ بَسَطَ اللَّحْمَ عَلَيْهَا، وَنَشَرَ الْعُرُوقَ وَالْأَعْصَابَ وَاللُّحُومَ وَالْجُلُودَ عَلَيْهَا، وَرَفَعَ بَعْضَهُ إِلَى جَنْبِ الْبَعْضِ، فَيَكُونُ كُلُّ الْقِرَاءَاتِ دَاخِلًا فِي ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها/ وَالْمَعْنَى فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ وُقُوعُ مَا كَانَ يَسْتَبْعِدُ وُقُوعَهُ وَقَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : فَاعِلُ تَبَيَّنَ لَهُ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَحُذِفَ الْأَوَّلُ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَهَذَا عِنْدِي فِيهِ تَعَسُّفٌ، بَلِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَمْرُ الْإِمَاتَةِ وَالْإِحْيَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاهَدَةِ قَالَ:
أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَتَأْوِيلُهُ: أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ مُشَاهَدَةَ مَا كُنْتُ أَعْلَمُهُ قَبْلَ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالِ وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ قالَ أَعْلَمُ عَلَى لَفْظِ الْأَمْرِ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عِنْدَ التَّبَيُّنِ أَمَرَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، قَالَ الْأَعْشَى:
وَدِّعْ أُمَامَةَ إِنَّ الرَّكْبَ قَدْ رَحَلُوا
وَالثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْأَعْمَشِ: قِيلَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمُ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى [الْبَقَرَةِ: 260] ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة: 260] قال القاضي: والقراءة الأولى وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ إِنَّمَا يَحْسُنُ عِنْدَ عدم المأمور به، وهاهنا الْعِلْمُ حَاصِلٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ فَكَانَ الْأَمْرُ بِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ، أَمَّا الْإِخْبَارُ عَنْ أَنَّهُ حَصَلَ كَانَ جائزاً.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست