responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 176
بِهِدَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ مُهْتَدِيًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: فَقَدِ اهْتَدَوْا لِلْفَوْزِ وَالنَّجَاةِ فِي الْآخِرَةِ إِنْ ثَبَتُوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
وَإِنْ تَوَلَّوْا عَنِ الْإِسْلَامِ وَاتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَالْغَرَضُ مِنْهُ تَسْلِيَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعْرِيفُهُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ لَيْسَ إِلَّا إِبْلَاغُ الْأَدِلَّةِ وَإِظْهَارُ الْحُجَّةِ فَإِذَا بَلَّغَ مَا جَاءَ بِهِ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَبُولُهُمْ ثُمَّ قَالَ:
وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ وَذَلِكَ يُفِيدُ الْوَعْدَ والوعيد، وهو ظاهر.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 21 الى 22]
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (21) أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (22)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ مِنْ قَبْلُ حَالَ مَنْ يُعْرِضُ وَيَتَوَلَّى بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ أَرْدَفَهُ بِصِفَةِ هَذَا الْمُتَوَلِّي فَذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الصِّفَاتِ:
الصِّفَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ.
فَإِنْ قِيلَ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي كَوْنَهُمْ كَافِرِينَ بِجَمِيعِ آيَاتِ اللَّهِ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مَا كَانُوا كَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالصَّانِعِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَالْمَعَادِ.
قُلْنَا: الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنْ نَصْرِفَ آيَاتِ اللَّهِ إِلَى الْمَعْهُودِ السَّابِقِ وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّانِي: أَنْ نَحْمِلَهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَنَقُولَ إِنَّ مَنْ كَذَّبَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَذِّبَ بِجَمِيعِ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ مَنْ تَنَاقَضَ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا بِشَيْءٍ مِنَ الْآيَاتِ إِذْ لَوْ كَانَ مُؤْمِنًا بِشَيْءٍ مِنْهَا لَآمَنَ بِالْجَمِيعِ.
الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ الْحَسَنُ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحَ أَنَّهُ قَالَ: قَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: رَجُلٌ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ رَجُلًا أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عُبَيْدَةَ قَتَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ نَبِيًّا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَامَ مِائَةُ رَجُلٍ وَاثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَمَرُوا مَنْ قَتَلَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ فَقُتِلُوا جَمِيعًا مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَهُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَيْضًا القوم قتلوا يحيى بن ذكريا، وزعموا أنهم قتلوا عيسى بن مَرْيَمَ فَعَلَى قَوْلِهِمْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ.
وَفِي الْآيَةِ سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: إِذَا كَانَ قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ فِي حُكْمِ الْمُسْتَقْبَلِ، لِأَنَّهُ وَعِيدٌ لِمَنْ كَانَ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا الْقَائِمِينَ بِالْقِسْطِ فكيف يصح ذلك؟.
والجواب مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ لَمَّا كَانَتْ طَرِيقَةَ أَسْلَافِهِمْ صَحَّتْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ إِلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُصَوِّبِينَ وَبِطَرِيقَتِهِمْ رَاضِينَ، فَإِنَّ صُنْعَ الْأَبِ قَدْ يُضَافُ إِلَى الِابْنِ إِذَا كَانَ رَاضِيًا بِهِ وَجَارِيًا عَلَى طَرِيقَتِهِ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يُرِيدُونَ قَتْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقتل المؤمنين إِلَّا أَنَّهُ تَعَالَى عَصَمَهُ مِنْهُمْ، فَلَمَّا كَانُوا في غاية
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست