responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 131
تَتَلْمَذَ لِأَحَدٍ، وَلَا قَرَأَ عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا، وَالْمُفْتَرِي إِذَا كَانَ هَكَذَا امْتَنَعَ أَنْ يَسْلَمَ عَنِ الْكَذِبِ وَالتَّحْرِيفِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّهُ إِنَّمَا عَرَفَ هَذِهِ الْقَصَصَ بِوَحْيِ اللَّهِ تَعَالَى الثَّانِي: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا قَطُّ إِلَّا بِالدُّعَاءِ إِلَى تَوْحِيدِهِ، وَالْإِيمَانِ بِهِ، وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْأَمْرِ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَبِالشَّرَائِعِ الَّتِي هِيَ صَلَاحُ كُلِّ زَمَانٍ، فَالْقُرْآنُ مُصَدِّقٌ لِتِلْكَ الْكُتُبِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، بَقِيَ فِي الْآيَةِ سُؤَالَانِ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: كَيْفَ سَمَّى مَا مَضَى بِأَنَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ تِلْكَ الْأَخْبَارَ لِغَايَةِ ظُهُورِهَا سَمَّاهَا بِهَذَا الِاسْمِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: كَيْفَ يَكُونُ مُصَدِّقًا لِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الْكُتُبِ، مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ نَاسِخٌ لِأَكْثَرِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ؟.
وَالْجَوَابُ: إِذَا كَانَتِ الْكُتُبُ مُبَشِّرَةً بِالْقُرْآنِ وَبِالرَّسُولِ، وَدَالَّةً عَلَى أَنَّ أَحْكَامَهَا تَثْبُتُ إِلَى حِينِ بَعْثِهِ، وَأَنَّهَا تَصِيرُ مَنْسُوخَةً عِنْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ، كَانَتْ مُوَافِقَةً لِلْقُرْآنِ، فَكَانَ الْقُرْآنُ مُصَدِّقًا لَهَا، وَأَمَّا فِيمَا عَدَا الْأَحْكَامَ فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْقُرْآنَ مُصَدِّقٌ لَهَا، لِأَنَّ دَلَائِلَ الْمَبَاحِثِ الْإِلَهِيَّةِ لَا تَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ، فَهُوَ مُصَدِّقٌ لَهَا فِي الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ.
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ اسْمَانِ أَعْجَمِيَّانِ، وَالِاشْتِغَالُ بِاشْتِقَاقِهِمَا غَيْرُ مُفِيدٍ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالْأَنْجِيلَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْعَجَمِيَّةِ، لِأَنَّ أَفْعِيلَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَعْدُومٌ فِي أَوْزَانِ الْعَرَبِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَنَنْقُلُ كَلَامَ الْأُدَبَاءِ فِيهِ.
أَمَّا لَفْظُ التَّوْراةَ فَفِيهِ أَبْحَاثٌ ثَلَاثَةٌ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي اشْتِقَاقِهِ، قَالَ الْفَرَّاءُ التَّوْرَاةِ مَعْنَاهَا الضِّيَاءُ وَالنُّورُ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ وَرَى الزَّنْدُ يَرِي إِذَا قَدَحَ وَظَهَرَتِ النَّارُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَالْمُورِياتِ قَدْحاً [الْعَادِيَاتِ: 2] وَيَقُولُونَ: وَرَيْتُ بِكَ زِنَادِي، وَمَعْنَاهُ: ظَهَرَ بِكَ الْخَيْرُ لِي، فَالتَّوْرَاةُ سُمِّيَتْ بِهَذَا الِاسْمِ لِظُهُورِ الْحَقِّ بِهَا، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً [الْأَنْبِيَاءِ: 48] .
الْبَحْثُ الثَّانِي: لَهُمْ فِي وَزْنِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْفَرَّاءُ: أَصْلُ التَّوْرَاةِ تَوْرَيَةٌ تَفْعَلَةٌ بِفَتْحِ التَّاءِ، وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالْيَاءِ، إِلَّا أَنَّهُ صَارَتِ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا.
الْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَ الْفَرَّاءُ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَفْعِلَةً عَلَى وَزْنِ تَوْفِيَةٍ وَتَوْصِيَةٍ، فَيَكُونُ أَصْلُهَا تَوْرِيَةً، إِلَّا أَنَّ الرَّاءَ نُقِلَتْ مِنَ الْكَسْرِ إِلَى الْفَتْحِ عَلَى لُغَةِ طَيِّئٍ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي جَارِيَةٍ: جَارَاةٌ، وَفِي نَاصِيَةٍ: ناصاة، قال الشاعر:
فما الدنيا بباقية لِحَيٍّ ... وَمَا حَيٌّ عَلَى الدُّنْيَا بِبَاقِ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ الْخَلِيلِ وَالْبَصْرِيِّينَ: إِنَّ أَصْلَهَا: وَوْرِيَةٌ، فَوْعِلَةٌ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ الْأُولَى تَاءً، وَهَذَا الْقَلْبُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ، نَحْوَ: تُجَاهٍ، وَتُرَاثٍ، وَتُخَمَةٍ، وَتُكْلَانٍ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست