responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 13
بَعْضٍ، وَالْكِرْسُ أَبْوَالُ الدَّوَابِّ وَأَبْعَارُهَا يَتَلَبَّدُ بَعْضُهَا فَوْقَ/ بَعْضٍ، وَأَكْرَسَتِ الدَّارُ إِذَا كَثُرَتْ فِيهَا الْأَبْعَارُ وَالْأَبْوَالُ وَتَلَبَّدَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَتَكَارَسَ الشَّيْءُ إِذَا تَرَكَّبَ، وَمِنْهُ الْكُرَّاسَةُ لِتَرَكُّبِ بَعْضِ أَوْرَاقِهَا عَلَى بَعْضٍ وَالْكُرْسِيُّ هُوَ هَذَا الشَّيْءُ الْمَعْرُوفُ لِتَرَكُّبِ خَشَبَاتِهِ بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ.
وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ جِسْمٌ عظيم يسع السموات وَالْأَرْضَ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ الْحَسَنُ الْكُرْسِيُّ هُوَ نَفْسُ الْعَرْشِ، لِأَنَّ السَّرِيرَ قَدْ يُوصَفُ بِأَنَّهُ عَرْشٌ، وَبِأَنَّهُ كُرْسِيٌّ، لِكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَصِحُّ التَّمَكُّنُ عَلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ الْكُرْسِيُّ غَيْرُ الْعَرْشِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ دُونَ الْعَرْشِ وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّهُ تَحْتَ الْأَرْضِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ السُّدِّيِّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ الْكُرْسِيِّ وَرَدَ فِي الْآيَةِ وَجَاءَ
فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ جِسْمٌ عَظِيمٌ تَحْتَ الْعَرْشِ وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ
وَلَا امْتِنَاعَ فِي الْقَوْلِ بِهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِاتِّبَاعِهِ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ، وَمِنَ الْبَعِيدِ أَنْ يَقُولَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مَوْضِعُ قَدَمَيِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ عَنِ الْجَوَارِحِ وَالْأَعْضَاءِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الدَّلَائِلَ الْكَثِيرَةَ عَلَى نَفْيِ الْجِسْمِيَّةِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، فَوَجَبَ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَوْ حَمْلُهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْكُرْسِيَّ مَوْضِعُ قَدَمَيِ الرُّوحِ الْأَعْظَمِ أَوْ مَلَكٍ آخَرَ عَظِيمِ الْقَدْرِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْكُرْسِيِّ السُّلْطَانُ وَالْقُدْرَةُ وَالْمُلْكُ، ثُمَّ تَارَةً يُقَالُ: الْإِلَهِيَّةُ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِالْقُدْرَةِ وَالْخَلْقِ وَالْإِيجَادِ، وَالْعَرَبُ يُسَمُّونَ أَصْلَ كُلِّ شَيْءٍ الْكُرْسِيَّ وَتَارَةً يُسَمَّى الْمُلْكُ بِالْكُرْسِيِّ، لِأَنَّ الْمَلِكَ يَجْلِسُ عَلَى الْكُرْسِيِّ، فَيُسَمَّى الْمَلِكُ بَاسِمِ مَكَانِ الْمُلْكِ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْكُرْسِيَّ هُوَ الْعِلْمُ، لِأَنَّ الْعِلْمَ مَوْضِعُ الْعَالِمِ، وَهُوَ الْكُرْسِيُّ فَسَمِّيَتْ صِفَةُ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَكَانِ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ لِأَنَّ الْعِلْمَ هُوَ الْأَمْرُ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَالْكُرْسِيُّ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْعُلَمَاءِ: كَرَاسِي، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِمْ كَمَا يُقَالُ لَهُمْ: أَوْتَادُ الْأَرْضِ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: مَا اخْتَارَهُ الْقَفَّالُ، وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ تَصْوِيرُ عَظَمَةِ اللَّهِ وَكِبْرِيَائِهِ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُ تَعَالَى خَاطَبَ الْخَلْقَ فِي تَعْرِيفِ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ بِمَا اعْتَادُوهُ فِي مُلُوكِهِمْ وَعُظَمَائِهِمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْكَعْبَةَ بَيْتًا لَهُ يَطُوفُ النَّاسُ بِهِ كَمَا يَطُوفُونَ بِبِيُوتِ مُلُوكِهِمْ وَأَمَرَ النَّاسَ بِزِيَارَتِهِ كَمَا يَزُورُ النَّاسُ بُيُوتَ مُلُوكِهِمْ وَذَكَرَ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ يَمِينُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ مَوْضِعًا لِلتَّقْبِيلِ كَمَا يُقَبِّلُ النَّاسُ أَيْدِي مُلُوكِهِمْ، وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَ فِي مُحَاسَبَةِ الْعِبَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ حُضُورِ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَوَضْعِ الْمَوَازِينِ، فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ عَرْشًا، فَقَالَ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [طه: 5] ثُمَّ وَصَفَ عَرْشَهُ فَقَالَ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [هُودٍ: 7] ثُمَّ قَالَ: وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ/ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ [الزُّمَرِ: 75] وَقَالَ: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ [الْحَاقَّةِ: 17] وَقَالَ: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ [غَافِرٍ: 7] ثُمَّ أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ كُرْسِيًّا فَقَالَ: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: كُلُّ مَا جَاءَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُوهِمَةِ لِلتَّشْبِيهِ فِي الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ، فَقَدْ وَرَدَ مِثْلُهَا بَلْ أَقْوَى مِنْهَا فِي الْكَعْبَةِ وَالطَّوَافِ وَتَقْبِيلِ الحجر، ولما توافقنا هاهنا عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْرِيفُ عَظَمَةِ اللَّهِ وَكِبْرِيَائِهِ مع
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست