responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 107
وَالنَّجْمُ تَسْتَصْغِرُ الْأَبْصَارُ رُؤْيَتَهُ ... وَالذَّنَبُ لِلطَّرْفِ لَا لِلنَّجْمِ فِي الصِّغَرِ
وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا، وَيُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا بِهِ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ عَرَفَ بِالدَّلَائِلِ الْقَاهِرَةِ وَالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ وَجُمْلَةَ مَا فِيهِ مِنَ الشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ نَزَلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ إِلْقَاءِ الشَّيَاطِينِ، وَلَا مِنْ نَوْعِ السِّحْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالشَّعْبَذَةِ، وَإِنَّمَا عَرَفَ الرسول لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِمَا ظَهَرَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْقَاهِرَةِ عَلَى يَدِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتِمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْمُؤْمِنُونَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى:
آمَنَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، ثُمَّ ابْتَدَأَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْمَعْنَى: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَذْكُورِينَ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُمُ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ آمَنَ بِاللَّهِ.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَتِمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الرَّسُولَ آمَنَ بِكُلِّ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَإِنَّهُمْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا كَانَ مؤمناً بربه، ثم صار مؤمناً بربه وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْإِيمَانِ عَلَى وَقْتِ الِاسْتِدْلَالِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يُشْعِرُ اللَّفْظُ بِأَنَّ الَّذِي حَدَثَ هُوَ إِيمَانُهُ بِالشَّرَائِعِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ: مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ [الشُّورَى: 52] وَأَمَّا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكِتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ عَلَى الْإِجْمَالِ، فَقَدْ كَانَ حَاصِلًا مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَكَيْفَ يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ انْفَصَلَ عَنْ أُمِّهِ قَالَ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ، فَإِذَا لَمْ يَبْعُدْ أَنَّ عِيسَى عليه السلام رَسُولًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ حِينَ كَانَ طِفْلًا، فَكَيْفَ يُسْتَبْعَدُ أَنْ يُقَالَ: أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَارِفًا بِرَبِّهِ مِنْ أَوَّلِ مَا خُلِقَ كَامِلَ الْعَقْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ آمَنَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَإِنَّمَا خُصَّ الرَّسُولُ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ قَدْ يكون كلاماً متلواً يسمه الْغَيْرُ وَيَعْرِفُهُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ، وَقَدْ يَكُونُ وَحْيًا لَا يَعْلَمُهُ سِوَاهُ، فَيَكُونُ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَصًّا بِالْإِيمَانِ بِهِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ، فَلِهَذَا السَّبَبِ كَانَ الرَّسُولُ مُخْتَصًّا فِي بَابِ الْإِيمَانِ بِمَا لَا يُمْكِنُ حُصُولُهُ فِي غَيْرِهِ.
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ ضَرُورَاتِ الْإِيمَانِ.
فَالْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: هِيَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ لِلْعَالَمِ صَانِعًا قَادِرًا عَلَى جَمِيعِ الْمَقْدُورَاتِ، عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، غَنِيًّا عَنْ كُلِّ الْحَاجَاتِ، لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ صِدْقِ/ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَكَانَتْ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ الْأَصْلُ، فَلِذَلِكَ قَدَّمَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ فِي الذِّكْرِ.
وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنَّمَا يُوحِي إِلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِوَاسِطَةِ الْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ [النَّحْلِ: 2] وَقَالَ: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشاءُ [الشُّورَى: 51] وَقَالَ: فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست