responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 105
الْوَجْهُ السَّابِعُ فِي الْجَوَابِ: مَا رَوَيْنَا عَنْ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [الْبَقَرَةِ: 286] وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا النَّسْخَ إِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ قُلْنَا: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ هَذَا النَّسْخِ مَأْمُورِينَ بِالِاحْتِرَازِ عَنْ تِلْكَ الْخَوَاطِرِ الَّتِي كَانُوا عَاجِزِينَ عَنْ دَفْعِهَا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ التَّكْلِيفَ قَطُّ مَا وَرَدَ إِلَّا بِمَا فِي الْقُدْرَةِ، وَلِذَلِكَ
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ السَّمْحَةِ»
وَالثَّانِي: أَنَّ النَّسْخَ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لَوْ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى حُصُولِ الْعِقَابِ عَلَى تِلْكَ الْخَوَاطِرِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَالثَّالِثُ:
أَنَّ نَسْخَ الْخَبَرِ لَا يَجُوزُ إِنَّمَا الْجَائِزُ هو نسخ الأوامر والنواهي.
واعلم أن الناس اخْتِلَافًا فِي أَنَّ الْخَبَرَ هَلْ يُنْسَخُ أَمْ لا؟ وقد ذكرنا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ: فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْأَصْحَابُ قَدِ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى جَوَازِ غُفْرَانِ ذُنُوبِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ الْمُطِيعَ مَقْطُوعٌ بِأَنَّهُ يُثَابُ وَلَا يُعَاقَبُ، وَالْكَافِرُ مَقْطُوعٌ بِأَنَّهُ يُعَاقَبُ وَلَا يُثَابُ، وَقَوْلُهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ رفع للقطع واحد مِنَ الْأَمْرَيْنِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَصِيبًا لِلْمُؤْمِنِ يَرِثُهُ الْمُذْنِبُ بِأَعْمَالِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثانية: قرأ عاصم وابن عامر فَيَغْفِرُ، ... يُعَذِّبُ بِرَفْعِ الرَّاءِ وَالْبَاءِ، وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَبِالْجَزْمِ أَمَّا الرَّفْعُ فَعَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَالتَّقْدِيرُ: فَهُوَ يَغْفِرُ، وَأَمَّا الْجَزْمُ فَبِالْعَطْفِ عَلَى يُحَاسِبْكُمْ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ أَدْغَمَ الرَّاءَ فِي اللَّامِ فِي قوله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : إِنَّهُ لَحْنُ وَنِسْبَتُهُ إِلَى أَبِي عَمْرٍو كَذِبٌ، وَكَيْفَ يَلِيقُ مِثْلُ هَذَا اللَّحْنِ بِأَعْلَمِ النَّاسِ بِالْعَرَبِيَّةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَقَدْ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَنَّهُ كَامِلُ الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ
أَنَّهُ كَامِلُ الْعِلْمِ وَالْإِحَاطَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أنه كامل القدرة مستولي عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ بِالْقَهْرِ وَالْقُدْرَةِ وَالتَّكْوِينِ وَالْإِعْدَامِ وَلَا كَمَالَ أَعْلَى وَأَعْظَمَ مِنْ حُصُولِ الْكَمَالِ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ وَالْمَوْصُوفُ بِهَذِهِ الْكَمَالَاتِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا مُنْقَادًا لَهُ، خَاضِعًا لِأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ مُحْتَرِزًا عَنْ سَخَطِهِ ونواهيه، وبالله التوفيق.

[سورة البقرة (2) : آية 285]
آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)
[فِي قَوْلُهُ تَعَالَى آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي كَيْفِيَّةِ النَّظْمِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَالَ الْمُلْكِ، وَكَمَالَ الْعِلْمِ، وَكَمَالَ الْقُدْرَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ يُوجِبُ كَمَالَ صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِأَنْ بَيَّنَ كَوْنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي نِهَايَةِ الِانْقِيَادِ وَالطَّاعَةِ وَالْخُضُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ هُوَ كَمَالُ الْعُبُودِيَّةِ وَإِذَا ظَهَرَ لَنَا كَمَالُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَقَدْ ظَهَرَ مِنَّا كَمَالُ الْعُبُودِيَّةِ، فَالْمَرْجُوُّ مِنْ عَمِيمِ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ أَنْ يُظْهِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي حَقِّنَا كَمَالَ الْعِنَايَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْإِحْسَانِ اللَّهُمَّ حَقِّقْ هَذَا الْأَمَلَ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 105
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست