responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 10
عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ
[الرَّعْدِ: 33] وَقَالَ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ [آل عمران: 18] إلى قوله قائِماً بِالْقِسْطِ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ [فَاطِرٍ:
41] وَهَذَا الْقَوْلُ يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إِلَى كَوْنِهِ مُقَوِّمًا لِغَيْرِهِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْقَيُّومُ الدَّائِمُ الْوُجُودِ الَّذِي يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ، وَأَقُولُ: هَذَا الْقَوْلُ يَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى كَوْنِهِ قَائِمًا بِنَفْسِهِ فِي ذَاتِهِ وَفِي وُجُودِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَيُّومُ الَّذِي لَا يَنَامُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ بِعِيدٌ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلَهُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ.
أَمَّا قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: السِّنَةُ مَا يَتَقَدَّمُ مِنَ الْفُتُورِ الَّذِي يُسَمَّى النعاس.
فإن قيل: إذ كَانَتِ السِّنَةُ عِبَارَةً عَنْ مُقَدِّمَةِ النُّوَّمِ، فَإِذَا قَالَ: لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ فَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ نَوْمٌ بِطْرِيقِ الْأَوْلَى، وَكَانَ ذِكْرُ النَّوْمِ تَكْرِيرًا.
قُلْنَا: تَقْدِيرُ الْآيَةِ: لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَأْخُذَهُ النَّوْمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّوْمَ وَالسَّهْوَ وَالْغَفْلَةَ مُحَالَاتٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، إِمَّا أَنْ تَكُونَ عِبَارَاتٍ عَنْ عَدَمِ الْعِلْمِ، أَوْ عَنْ أَضْدَادِ الْعِلْمِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَجَوَازُ طَرَيَانِهَا يَقْتَضِي جَوَازَ زَوَالِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَتْ ذَاتُهُ تَعَالَى بِحَيْثُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، وَيَصِحُّ أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا، فَحِينَئِذٍ يَفْتَقِرُ حُصُولُ صِفَةِ الْعِلْمِ لَهُ إِلَى الْفَاعِلِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ كَمَا فِي الْأَوَّلِ وَالتَّسَلْسُلُ مُحَالٌ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى مَنْ يَكُونُ عِلْمُهُ صِفَةً وَاجِبَةَ الثُّبُوتِ مُمْتَنِعَةَ الزَّوَالِ، / وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ النَّوْمُ وَالْغَفْلَةُ وَالسَّهْوُ عَلَيْهِ مُحَالًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
يُرْوَى عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَكَى عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ: هَلْ يَنَامُ اللَّهُ تَعَالَى أَمْ لَا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا فَأَرَّقَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَعْطَاهُ قَارُورَتَيْنِ فِي كُلِّ يَدٍ وَاحِدَةٍ، وَأَمَرَهُ بِالِاحْتِفَاظِ بِهِمَا، وَكَانَ يَتَحَرَّزُ بِجُهْدِهِ إِلَى أَنْ نَامَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ فَاصْطَفَقَتْ يَدَاهُ فَانْكَسَرَتِ الْقَارُورَتَانِ، فَضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ مَثَلًا لَهُ فِي بَيَانِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَنَامُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حفظ السموات وَالْأَرْضِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُمْكِنُ نِسْبَتُهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّ مَنْ جَوَّزَ النَّوْمَ عَلَى اللَّهِ أَوْ كَانَ شَاكًّا فِي جَوَازِهِ كَانَ كَافِرًا، فَكَيْفَ يَجُوزُ نِسْبَةُ هَذَا إِلَى مُوسَى، بَلْ إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ،. فَالْوَاجِبُ نِسْبَةُ هَذَا السُّؤَالِ إِلَى جُهَّالِ قَوْمِهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ فَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْإِضَافَةِ إِضَافَةُ الْخَلْقِ وَالْمُلْكِ، وَتَقْدِيرُهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ وَاجِبُ الْوُجُودِ وَاحِدًا كَانَ مَا عَدَاهُ مُمْكِنَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ وَكُلُّ مُمْكِنٍ فَلَهُ مُؤَثِّرٌ، وَكُلُّ مَا لَهُ مُؤَثِّرٌ فَهُوَ مُحْدَثٌ فَإِذَنْ كُلُّ مَا سِوَاهُ فَهُوَ مُحْدَثٌ بِإِحْدَاثِهِ مُبْدَعٌ بِإِبْدَاعِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ إِضَافَةَ الْمُلْكِ وَالْإِيجَادِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قَالَ: لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَلَمْ يَقُلْ: لَهُ مَنْ في السموات؟.
قُلْنَا: لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ إِضَافَةَ مَا سِوَاهُ إِلَيْهِ بِالْمَخْلُوقِيَّةِ، وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْقِلُ أَجْرَى الْغَالِبَ مَجْرَى الْكُلِّ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ مَا وَأَيْضًا فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ إِنَّمَا أُسْنِدَتْ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مَخْلُوقَةٌ، وَهِيَ مِنْ حيث إنها
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 10
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست