responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 6  صفحه : 516
وَتَيْسِيرِهِ، وَأَنَّهُ لَوْلَا إِعَانَتُهُ وَتَيْسِيرُهُ لَمَا حَصَلَ الْبَتَّةَ ثُمَّ قَالَ: وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ رَاعِيًا وَلَهُ سَبْعَةُ إِخْوَةٍ مَعَ طَالُوتَ فَلَمَّا أَبْطَأَ خَبَرُ إِخْوَتِهِ عَلَى أَبِيهِمْ إِيشَا أَرْسَلَ ابْنَهُ دَاوُدَ إِلَيْهِمْ لِيَأْتِيَهُ بِخَبَرِهِمْ، فَأَتَاهُمْ وَهُمْ فِي الْمَصَافِّ وَبَدَرَ جَالُوتُ الْجَبَّارُ وَكَانَ مِنْ قَوْمِ عَادٍ إِلَى الْبَرَازِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَقَالَ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ لَوْ كُنْتُمْ عَلَى حَقٍّ لَبَارَزَنِي بَعْضُكُمْ فَقَالَ دَاوُدُ لِإِخْوَتِهِ أَمَا فِيكُمْ مَنْ يَخْرُجُ إِلَى هَذَا الْأَقْلَفِ؟ فَسَكَتُوا، فَذَهَبَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الصَّفِّ لَيْسَ فِيهَا إِخْوَتُهُ فَمَرَّ بِهِ طَالُوتُ وَهُوَ يُحَرِّضُ النَّاسَ، فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: مَا تَصْنَعُونَ بِمَنْ يَقْتُلُ هَذَا الْأَقْلَفَ؟ فَقَالَ طَالُوتُ: أُنْكِحُهُ ابْنَتِي وَأُعْطِيهِ نِصْفَ مُلْكِي فَقَالَ دَاوُدُ: فَأَنَا خَارِجٌ إِلَيْهِ وَكَانَ عَادَتُهُ أَنْ يُقَاتِلَ بِالْمِقْلَاعِ الذِّئْبَ وَالْأَسَدَ فِي الرَّعْيِ، وَكَانَ طَالُوتُ عَارِفًا بِجَلَادَتِهِ، فَلَمَّا هَمَّ دَاوُدُ بِأَنْ يَخْرُجَ رَمَاهُ فَأَصَابَهُ فِي صَدْرِهِ، وَنَفَذَ الْحَجَرُ فِيهِ، وَقَتَلَ بَعْدَهُ نَاسًا كَثِيرًا، فَهَزَمَ اللَّهُ جُنُودَ جَالُوتَ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ فَحَسَدَهُ طَالُوتُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ مَمْلَكَتِهِ، وَلَمْ يَفِ لَهُ بِوَعْدِهِ، ثُمَّ نَدِمَ فَذَهَبَ يَطْلُبُهُ إِلَى أَنْ قُتِلَ، وَمَلَكَ دَاوُدُ وَحَصَلَتْ لَهُ النُّبُوَّةُ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الْمُلْكُ وَالنُّبُوَّةُ إِلَّا لَهُ.
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَزِيمَةَ عَسْكَرِ جَالُوتَ كَانَتْ مِنْ طَالُوتَ وَإِنْ كَانَ قَتْلُ جَالُوتَ مَا كَانَ إِلَّا مِنْ دَاوُدَ وَلَا دَلَالَةَ فِي الظَّاهِرِ عَلَى أَنَّ انْهِزَامَ الْعَسْكَرِ كَانَ قَبْلَ قَتْلِ جَالُوتَ أَوْ بَعْدَهُ، لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ بَعْضُهُمْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالنُّبُوَّةَ جَزَاءً عَلَى مَا فَعَلَ مِنَ الطَّاعَةِ الْعَظِيمَةِ، وَبَذْلِ النَّفْسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ صَالِحٌ لِتَحَمُّلِ أَمْرِ النُّبُوَّةِ، وَالنُّبُوَّةُ لَا يَمْتَنِعُ جَعْلُهَا جَزَاءً عَلَى الطَّاعَاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ مَا فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ [الدُّخَانِ: 32، 33] وَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [الْأَنْعَامِ: 124] وَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنْ دَاوُدَ أَنَّهُ قَتَلَ جَالُوتَ، قَالَ بَعْدَهُ: وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَالسُّلْطَانُ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى بَعْضِ عَبِيدِهِ الَّذِينَ قَامُوا بِخِدْمَةٍ شَاقَّةٍ، يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ ذَلِكَ الْإِنْعَامَ لِأَجْلِ تِلْكَ الْخِدْمَةِ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: إِنَّ النُّبُوَّةَ لَا يَجُوزُ جَعْلُهَا جَزَاءً عَلَى الْأَعْمَالِ، بَلْ ذَلِكَ مَحْضُ التَّفَضُّلِ وَالْإِنْعَامِ، قَالَ تَعَالَى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ [الْحَجِّ: 75] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَاوُدَ حِينَ قَتَلَ جَالُوتَ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالنُّبُوَّةَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ إِيتَاءَ الْمُلْكِ وَالنُّبُوَّةِ عَقِيبَ ذِكْرِهِ لِقَتْلِ دَاوُدَ جَالُوتَ، وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ مُشْعِرٌ بِكَوْنِ ذَلِكَ الْوَصْفِ عِلَّةً لِذَلِكَ الْحُكْمِ، وَبَيَانُ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ/ لَمَّا قَتَلَ مِثْلَ ذَلِكَ الْخَصْمِ الْعَظِيمِ بِالْمِقْلَاعِ وَالْحَجَرِ، كَانَ ذَلِكَ مُعْجِزًا، لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَعَلَّقَتِ الْأَحْجَارُ مَعَهُ وَقَالَتْ: خُذْنَا فَإِنَّكَ تَقْتُلُ جَالُوتَ بِنَا، فَظُهُورُ الْمُعْجِزِ يَدُلُّ عَلَى النُّبُوَّةِ، وَأَمَّا الْمُلْكُ فَلِأَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا شَاهَدُوا مِنْهُ قَهْرَ ذَلِكَ الْعَدُوِّ الْعَظِيمِ الْمَهِيبِ بِذَلِكَ الْعَمَلِ الْقَلِيلِ، فَلَا شَكَّ أَنَّ النُّفُوسَ تَمِيلُ إِلَيْهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي حُصُولَ الْمُلْكِ لَهُ ظَاهِرًا، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: إِنَّ حُصُولَ الْمُلْكِ وَالنُّبُوَّةِ لَهُ تَأَخَّرَ عَنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ بِسَبْعِ سِنِينَ عَلَى مَا قَالَهُ الضَّحَّاكُ، قَالُوا وَالرِّوَايَاتُ وَرَدَتْ بِذَلِكَ، قَالُوا: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ قَدْ عَيَّنَ طَالُوتَ لِلْمُلْكِ فَيَبْعُدُ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنِ الْمُلْكِ حَالَ حَيَاتِهِ، وَالْمَشْهُورُ فِي أَحْوَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ نَبِيُّ ذَلِكَ الزَّمَانِ أَشْمُويِلَ، وَمَلِكُ ذَلِكَ الزَّمَانِ طَالُوتَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَشْمُويِلُ أَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى النُّبُوَّةَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 6  صفحه : 516
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست