responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 6  صفحه : 498
أَمَاتَهُمْ بِسَبَبِ أَنَّهُ أَحْيَاهُمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَهُوَ تَعَالَى أَعَادَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا وَمَكَّنَهُمْ مِنَ التَّوْبَةِ وَالتَّلَافِي وَثَانِيهَا: أَنَّ الْعَرَبَ الَّذِينَ كَانُوا يُنْكِرُونَ الْمَعَادَ كَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِقَوْلِ الْيَهُودِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُمُورِ، فَلَمَّا نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى الْيَهُودَ عَلَى هَذِهِ الْوَاقِعَةِ الَّتِي كَانَتْ مَعْلُومَةً لَهُمْ، وَهُمْ يَذْكُرُونَهَا لِلْعَرَبِ الْمُنْكِرِينَ لِلْمَعَادِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ أُولَئِكَ الْمُنْكِرِينَ يَرْجِعُونَ مِنَ الدِّينِ الْبَاطِلِ الَّذِي هُوَ الْإِنْكَارُ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ الْإِقْرَارُ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ فَيَخْلُصُونَ مِنَ الْعِقَابِ، وَيَسْتَحِقُّونَ الثَّوَابَ، فَكَانَ ذِكْرُ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِحْسَانًا فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ الْمُنْكِرِينَ وَثَالِثُهَا: أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَذَرَ مِنَ الْمَوْتِ لَا يُفِيدُ، فَهَذِهِ الْقِصَّةُ تُشَجِّعُ الْإِنْسَانَ عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَيْفَ كَانَ، وَتُزِيلُ عَنْ قَلْبِهِ الْخَوْفَ مِنَ الْمَوْتِ، فَكَانَ ذِكْرُ هَذِهِ الْقِصَّةِ سَبَبًا لِبُعْدِ الْعَبْدِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَقُرْبِهِ مِنَ الطَّاعَةِ الَّتِي بِهَا يَفُوزُ بِالثَّوَابِ الْعَظِيمِ، فَكَانَ ذِكْرُ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَضْلًا وَإِحْسَانًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً [الفرقان: 50] .

[سورة البقرة (2) : آية 244]
وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244)
فِيهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا خِطَابٌ لِلَّذِينِ أُحْيُوا، قَالَ الضَّحَّاكُ: أَحْيَاهُمْ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجِهَادِ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَمَاتَهُمْ بِسَبَبِ أَنْ كَرِهُوا الْجِهَادَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِإِضْمَارِ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَقِيلَ لَهُمْ قَاتِلُوا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ اخْتِيَارُ جُمْهُورِ الْمُحَقِّقِينَ: أَنَّ هَذَا اسْتِئْنَافُ خِطَابٍ لِلْحَاضِرِينَ، يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ بِالْجِهَادِ إِلَّا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ بِلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ قَدَّمَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ ذِكْرَ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ لِئَلَّا يُنْكَصَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ بِحُبِّ الْحَيَاةِ بِسَبَبِ خَوْفِ الْمَوْتِ، وليعلم كل أحد أنه يترك الْقِتَالِ لَا يَثِقُ بِالسَّلَامَةِ مِنَ الْمَوْتِ، كَمَا قَالَ فِي قَوْلِهِ:
قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا [الْأَحْزَابِ: 16] فَشَجَّعَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ الَّذِي بِهِ وَعَدَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إِمَّا فِي الْعَاجِلِ الظُّهُورُ عَلَى الْعَدُوِّ، أَوْ فِي الْآجِلِ الْفَوْزُ بِالْخُلُودِ فِي النَّعِيمِ، وَالْوُصُولُ إِلَى مَا تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَالسَّبِيلُ هُوَ الطَّرِيقُ، وَسُمِّيَتِ الْعِبَادَاتُ سَبِيلًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى/ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْإِنْسَانَ يَسْلُكُهَا، وَيَتَوَصَّلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِهَادَ تَقْوِيَةٌ لِلدِّينِ، فَكَانَ طَاعَةً، فَلَا جَرَمَ كَانَ الْمُجَاهِدُ مُقَاتِلًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أَيْ هُوَ يَسْمَعُ كَلَامَكُمْ فِي تَرْغِيبِ الْغَيْرِ فِي الْجِهَادِ، وَفِي تَنْفِيرِ الْغَيْرِ عَنْهُ، وَعَلِيمٌ بِمَا فِي صُدُورِكُمْ مِنَ الْبَوَاعِثِ وَالْأَغْرَاضِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْجِهَادَ لِغَرَضِ الدِّينِ أو لعاجل الدنيا.

[سورة البقرة (2) : آية 245]
مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِالْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 6  صفحه : 498
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست