responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 6  صفحه : 492
وَصِيَّةً وَالثَّانِي: تَقْدِيرُهَا: تُوصُونَ وَصِيَّةً، كَقَوْلِكَ: إِنَّمَا أَنْتَ سَيْرَ الْبَرِيدِ أَيْ تَسِيرُ سَيْرَ الْبَرِيدِ الثَّالِثُ: تَقْدِيرُهَا:
أَلْزَمَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ وَصِيَّةً.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: مَتاعاً فَفِيهِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنَى: مَتِّعُوهُنَّ مَتَاعًا، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ:
فَلْيُوصُوا لَهُنَّ وَصِيَّةً، وَلْيُمَتِّعُوهُنَّ مَتَاعًا الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ ذَلِكَ مَتَاعًا لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الثَّالِثُ: أَنَّهُ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: غَيْرَ إِخْراجٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ نُصِبَ بِوُقُوعِهِ مَوْقِعَ الْحَالِ كَأَنَّهُ قَالَ: مَتِّعُوهُنَّ مُقِيمَاتٍ غَيْرَ مُخْرَجَاتٍ وَالثَّانِي: انْتَصَبَ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَرَادَ مِنْ غَيْرِ إِخْرَاجٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ: وَهُوَ اخْتِيَارُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ، أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، قَالُوا:
كَانَ الْحُكْمُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ لَمْ يَكُنْ لِامْرَأَتِهِ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْءٌ إِلَّا النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى سَنَةً، وَكَانَ الْحَوْلُ عَزِيمَةً عَلَيْهَا فِي الصَّبْرِ عَنِ التَّزَوُّجِ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ مُخَيَّرَةً فِي أَنْ تَعْتَدَّ إِنْ شَاءَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ، لَكِنَّهَا مَتَى خَرَجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، هَذَا جُمْلَةُ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، لِأَنَّا إِنْ قَرَأْنَا وَصِيَّةً بِالرَّفْعِ، كَانَ الْمَعْنَى: فَعَلَيْهِمْ وَصِيَّةٌ، وَإِنْ قَرَأْنَاهَا بِالنَّصْبِ، كَانَ الْمَعْنَى: فَلْيُوصُوا وَصِيَّةً، وَعَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ وَاجِبَةٌ، ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ صَارَتْ مُفَسَّرَةً بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: الْمَتَاعُ وَالنَّفَقَةُ إِلَى الْحَوْلِ وَالثَّانِي: السُّكْنَى إِلَى الْحَوْلِ، ثُمَّ أَنْزَلَ تَعَالَى أَنَّهُنَّ إِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ، فَثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تُوجِبُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى مِنْ مَالِ الزَّوْجِ سَنَةً وَالثَّانِي: وُجُوبُ الِاعْتِدَادِ سَنَةً، لِأَنَّ وُجُوبَ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ سَنَةً تُوجِبُ الْمَنْعَ مِنَ التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَسَخَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ، أَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فَلِأَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى ثُبُوتِ الْمِيرَاثِ لَهَا، وَالسُّنَّةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، فَصَارَ مَجْمُوعُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ نَاسِخًا لِلْوَصِيَّةِ لِلزَّوْجَةِ بِالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فِي الْحَوْلِ، وَأَمَّا وُجُوبُ الْعِدَّةِ فِي الْحَوْلِ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [الْبَقَرَةِ: 234] فَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا آيَتَيْنِ أَحَدُهُمَا: مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ قَوْلُهُ: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً وَالْأُخْرَى: هَذِهِ الْآيَةُ، فَوَجَبَ تَنْزِيلُ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَلَى حَالَتَيْنِ فَنَقُولُ: إِنَّهَا إِنْ لَمْ تَخْتَرِ السُّكْنَى فِي دَارِ زَوْجِهَا وَلَمْ تَأْخُذِ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا، كَانَتْ عِدَّتُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا عَلَى مَا فِي تِلْكَ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا إِنِ اخْتَارَتِ السُّكْنَى فِي دَارِ زَوْجِهَا، وَالْأَخْذَ مِنْ مَالِهِ وَتَرِكَتِهِ، فَعِدَّتُهَا هِيَ الْحَوْلُ، وَتَنْزِيلُ الْآيَتَيْنِ عَلَى هَذَيْنِ التَّقْدِيرَيْنِ أَوْلَى، حَتَّى يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْمُولًا بِهِ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيِّ: أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ يُتَوَفَّى مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا، وَقَدْ وَصَّوْا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ بِنَفَقَةِ الْحَوْلِ وَسُكْنَى الْحَوْلِ فَإِنْ خَرَجْنَ قَبْلَ ذَلِكَ وَخَالَفْنَ وَصِيَّةَ الزَّوْجِ بَعْدَ أَنْ يُقِمْنَ الْمُدَّةَ الَّتِي ضَرَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُنَّ فَلَا حَرَجَ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ أَيْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، لِأَنَّ إِقَامَتَهُنَّ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ لَازِمَةٍ، قَالَ: وَالسَّبَبُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُوصُونَ بِالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى حَوْلًا كَامِلًا، وَكَانَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الِاعْتِدَادُ بِالْحَوْلِ، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالنَّسْخُ زَائِلٌ، وَاحْتَجَّ عَلَى قَوْلِهِ بِوُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّ النَّسْخَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى عَدَمِهِ بِقَدْرِ الإمكان الثاني:
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 6  صفحه : 492
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست