responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 6  صفحه : 477
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَصْلُ الْمُتْعَةِ وَالْمَتَاعِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا غَيْرَ بَاقٍ بَلْ مُنْقَضِيًا عَنْ قَرِيبٍ، وَلِهَذَا يُقَالُ: الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَيُسَمَّى التَّلَذُّذُ تَمَتُّعًا لِانْقِطَاعِهِ بِسُرْعَةٍ وَقِلَّةِ لَبْثٍ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمُوسِعِ الْغَنِيُّ الَّذِي يَكُونُ فِي سَعَةٍ مِنْ غِنَاهُ، يُقَالُ: أَوْسَعَ الرَّجُلُ إِذَا كَثُرَ مَالُهُ، وَاتَّسَعَتْ حَالُهُ، وَيُقَالُ: أَوْسَعَهُ كَذَا أَيْ وَسَّعَهُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذَّارِيَاتِ: 47] وَقَوْلُهُ: قَدَرُهُ أَيْ قدر إمكانه وطلاقته، فَحَذَفَ الْمُضَافَ، وَالْمُقْتِرُ الَّذِي فِي ضِيقٍ مِنْ فَقْرِهِ وَهُوَ الْمُقِلُّ الْفَقِيرُ، وَأَقْتَرَ إِذَا افْتَقَرَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ قَدَرُهُ بِسُكُونِ الدَّالِ، وَالْبَاقُونَ قَدَرُهُ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَهُمَا لُغَتَانِ فِي جَمِيعِ مَعَانِي الْقَدْرِ، يُقَالُ: قَدَّرَ الْقَوْمُ أَمْرَهُمْ يُقَدِّرُونَهُ قَدْرًا، وَهَذَا قَدْرُ هَذَا، وَاحْمِلْ عَلَى رَأْسِكَ قَدْرَ مَا تُطِيقُ، وَقَدَّرَ اللَّهُ الرِّزْقَ يُقَدِّرُهُ وَيَقْدُرُهُ قَدْرًا، وَقَدَّرْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ أُقَدِّرُهُ قَدْرًا، وَقَدَرْتُ عَلَى الْأَمْرِ أَقْدِرُ عَلَيْهِ قُدْرَةً، كُلُّ هَذَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحْرِيكُ وَالتَّسْكِينُ، يُقَالُ: هُمْ يَخْتَصِمُونَ فِي الْقَدْرِ وَالْقَدَرِ، وَخَدَمْتُهُ بِقَدْرِ كَذَا وَبِقَدَرِ كَذَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها [الرَّعْدِ: 17] وَقَالَ: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الْأَنْعَامِ: 91] وَلَوْ حُرِّكَ لَكَانَ جَائِزًا، وَكَذَلِكَ: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ [الرَّعْدِ: 17] وَقَالَ: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الْأَنْعَامِ: 91] وَلَوْ حُرِّكَ لَكَانَ جَائِزًا، وَكَذَلِكَ: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ [الْقَمَرِ: 49] وَلَوْ خُفِّفَ جَازَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَقْدِيرَ الْمُتْعَةِ مُفَوَّضٌ إِلَى الِاجْتِهَادِ، وَلِأَنَّهَا كَالنَّفَقَةِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلزَّوْجَاتِ، وَبَيَّنَ أَنَّ الْمُوسِعَ يُخَالِفُ الْمُقْتِرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمُسْتَحَبُّ عَلَى الْمُوسِعِ خَادِمٌ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْمُقْتِرِ مِقْنَعَةٌ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: أَكْثَرُ الْمُتْعَةِ خَادِمٌ وَأَقَلُّهَا مِقْنَعَةٌ، وَأَيُّ قَدْرٍ أَدَّى جَازَ فِي جَانِبَيِ الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُتْعَةُ لَا تُزَادُ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ، قَالَ: لِأَنَّ حَالَ الْمَرْأَةِ الَّتِي يُسَمَّى لَهَا الْمَهْرُ أَحْسَنُ مِنْ حَالِ الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا، ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَجِبْ لَهَا زِيَادَةٌ عَلَى نِصْفِ الْمُسَمَّى إِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَأَنْ لَا يَجِبَ زِيَادَةٌ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَبِرُ حَالَهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَبِرُ حَالَ الزَّوْجِ فَقَطْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمُتْعَةِ:
يُعْتَبَرُ حَالُ الرَّجُلِ، وَفِي مَهْرِ الْمِثْلِ حَالُهَا، وَكَذَلِكَ فِي النَّفَقَةِ وَاحْتَجَّ أَبُو بَكْرٍ بِقَوْلِهِ: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِقَوْلِهِ: بِالْمَعْرُوفِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى حَالِهِمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَ الشَّرِيفَةِ وَالْوَضِيعَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَتاعاً تَأْكِيدٌ لِمَتِّعُوهُنَّ، يَعْنِي: مَتِّعُوهُنَّ تمتعا بالمعروف وحَقًّا صِفَةٌ لِمَتَاعًا أَيْ:
مَتَاعًا وَاجِبًا عَلَيْهِمْ، أَوْ حُقَّ ذَلِكَ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ، وَقِيلَ: نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنْ قَدَرُهُ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ الظَّرْفُ، وَقِيلَ: نُصِبَ عَلَى الْقَطْعِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَلَى الْمُحْسِنِينَ فَفِي سَبَبِ تَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُحْسِنَ هُوَ الَّذِي يَنْتَفِعُ بهذا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 6  صفحه : 477
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست