responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 6  صفحه : 463
فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ وَارِثُ الْأَبِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ:
وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ/ بِالْمَعْرُوفِ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ لِبَيَانِ الْمَعْرُوفِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْلُودَ لَهُ إِنْ مَاتَ فَعَلَى وَارِثِهِ مِثْلُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّزْقِ وَالْكِسْوَةِ، يَعْنِي إِنْ مَاتَ الْمَوْلُودُ لَهُ لَزِمَ وَارِثَهُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ فِي أَنْ يَرْزُقَهَا وَيَكْسُوَهَا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ رِعَايَةُ الْمَعْرُوفِ وَتَجَنُّبُ الضِّرَارِ، قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ هَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ، لِأَنَّا إِذَا حَمَلْنَا اللَّفْظَ عَلَى وَارِثِ الْوَلَدِ وَالْوَلَدُ أَيْضًا وَارِثُهُ، أَدَّى إِلَى وُجُوبِ نفقته على غيره، حال ماله مَالٌ يُنْفِقُ مِنْهُ وَإِنَّ هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الصَّبِيَّ إِذَا وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ مَالًا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَقُومُ بِتَعَهُّدِهِ وَيُنْفِقُ ذَلِكَ الْمَالَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَدْفَعُ الضِّرَارَ عَنْهُ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ يُمْكِنُ إِيجَابُهَا عَلَى وَارِثِ الْأَبِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ وَارِثُ الْأَبِ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِ الْأَبِ كُلُّ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْأَبِ وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَأَبِي مُسْلِمٍ وَالْقَاضِي، ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ أَيُّ وَارِثٍ هُوَ؟ فَقِيلَ: هُوَ الْعَصَبَاتُ دُونَ الْأُمِّ، وَالْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَسُفْيَانَ وَإِبْرَاهِيمَ وَقِيلَ: هُوَ وَارِثُ الصَّبِيِّ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَلَى قَدْرِ النَّصِيبِ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالُوا: النَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ، وَقِيلَ: الْوَارِثُ مِمَّنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ ابْنِ الْعَمِّ وَالْمَوْلَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنْ لَا فَضْلَ بَيْنَ وَارِثٍ وَوَارِثٍ، لِأَنَّهُ تَعَالَى أَطْلَقَ اللَّفْظَ فَغَيْرُ ذِي الرَّحِمِ بِمَنْزِلَةِ ذِي الرَّحِمِ، كَمَا أَنَّ الْبَعِيدَ كَالْقَرِيبِ، وَالنِّسَاءَ كَالرِّجَالِ، وَلَوْلَا أَنَّ الْأُمَّ خَرَجَتْ مِنْ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ مَرَّ ذِكْرُهَا بِإِيجَابِ الْحَقِّ لَهَا، لَصَحَّ أَيْضًا دُخُولُهَا تَحْتَ الْكَلَامِ، لأنها قد تكون وارث كَغَيْرِهَا.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: الْمُرَادُ مِنَ الْوَارِثِ الْبَاقِي مِنَ الْأَبَوَيْنِ، وَجَاءَ فِي الدُّعَاءِ الْمَشْهُورِ: وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، أَيِ الْبَاقِيَ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ وَجَمَاعَةٍ.
الْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَرَادَ بِالْوَارِثِ الصَّبِيَّ نَفْسَهُ الَّذِي هُوَ وَارِثُ أَبِيهِ الْمُتَوَفَّى فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَجَبَ أَجْرُ الرَّضَاعَةِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُجْبِرَتْ أُمُّهُ عَلَى إِرْضَاعِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ الصَّبِيِّ إِلَّا الْوَالِدَانِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: مِثْلُ ذلِكَ فَقِيلَ مِنَ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ: مِنْ تَرْكِ الْإِضْرَارِ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَالضَّحَّاكِ، وَقِيلَ: مِنْهُمَا عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْآيَةِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْفِصَالِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ الْفِطَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [الْأَحْقَافِ: 15] وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْفِطَامُ بِالْفِصَالِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَنْفَصِلُ عَنْ الِاغْتِذَاءِ بِلَبَنِ أُمِّهِ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَاتِ قَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ فُصِلَ الْوَلَدُ عَنِ الْأُمِّ فَصْلًا وَفِصَالًا، وَقُرِئَ بِهِمَا فِي قَوْلِهِ: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ وَالْفِصَالُ/ أَحْسَنُ، لِأَنَّهُ إِذَا انْفَصَلَ مِنْ أُمِّهِ فَقَدِ انْفَصَلَتْ مِنْهُ، فَبَيْنَهُمَا فِصَالٌ نَحْوُ الْقِتَالِ وَالضِّرَابِ، وَسُمِّيَ الْفَصِيلُ فَصِيلًا لِأَنَّهُ مَفْصُولٌ عَنْ أُمِّهِ، وَيُقَالُ: فَصَلَ مِنَ الْبَلَدِ إِذَا خَرَجَ عَنْهُ وَفَارَقَهُ قَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ [الْبَقَرَةِ:
249] وَاعْلَمْ أَنَّ حَمْلَ الْفِصَالِ هَاهُنَا عَلَى الْفِطَامِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 6  صفحه : 463
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست